يدي تؤلمني أيها الزعيم!
10-تموز-2023
عامر بدر حسون

شاهدت الزعيم عبد الكريم قاسم سنة 1959 وكنت في التاسعة من عمري.
كان احمر الوجه (أو هكذا انطبعت صورته بمخيلتي) وكان مستعجلا دائما، في خطبه وفي حركته، وقد جاء لافتتاح قرية 14 تموز في اللطيفية.
صعدت مع المرحوم اخي ابو انيس، في سيارات نقلتنا من المحمودية الى اللطيفية لاستقباله والتصفيق له.
وهكذا اتيحت لي رؤيته.
اتذكر انه لم يكن مكترثا بالنظر الينا، فهو مستعجل وعيونه تتحرك هائمة في الفراغ وكأنها تطارد او تبحث عن شيء فيه.
وهي خلافا لعيون الملك فيصل الثاني الذي شاهدته في السابعة من عمري (عام 1957).. فقد كان مارا بالمحمودية واخذونا من المدرسة بملابس الكشافة ووضعوا في ايدينا اغصان شجر الصفصاف كي نلوح بها ونغني عندما يقترب منا:
"إحنا صف الاول بالمحمودية
لمّن يجي فيصل ناخذ تحية
سيارته حمرا وخضرا وماوية"!
ونظرتنا الخاطفة الى الملك زرعت في خيالنا مجموعة من القصص والاساطير عن نظرته لنا واحدا واحدا، وهو ما لم يحصل بالتأكيد.. لكنها اكاذيب او تمنيات اطفال كنا نتبادلها بتواطؤ حتى صدقها بعضنا!
تماما كما يفعل الكبار اليوم حين يتواطؤون على موقف "وطني"!
لم ترتبط صورة الزعيم بذاكرتي كما ارتبطت صورة الملك..
فالزعيم كان مثالا للعسكري المسلح والمحاط بمسلحين يخيفون الاطفال، وربما الكبار ايضا، اما صورة الملك فقد كانت مرتبطة بالأساطير والقصص والخيال المنفلت..
حتى انه كانت في طفولتنا حلوى اسمها، ويا للقرف، مستمد من مخلفات الملك!
وربما كانت الصورة التي رأيت بها الزعيم والملك في طفولتي ركيزة لرؤيتي لصورة الرجلين وموقفي منهما ومن زمنهما عندما كبرت، فما يؤثر على موقفنا كبشر من الاحداث اشياء غريبة وصغيرة.
لذلك.. ولذلك كرهت هذه الصورة للزعيم، وكلما رايتها شعرت بالألم والقسوة من هذه القوة الساحقة التي تطبق على يد الطفل.
هي يد قاسية وحازمة لم تلاعب طفلا من قبل ولم تعرف كيف تحمله برقة (الزعيم لم يتزوج)..
وعندما "اتساهل" مع الرجل، بسبب كثرة محبيه، كنت اقرا في صورته مع الطفل صورة العراق معه.
فهو يرفع الطفل (إقرأ العراق) عاليا..
والطفل - العراق يبكي من القوة المفرطة التي يُمسَك بها..
ولعله ما زال يبكي لهذا السبب!
وللقراء الشباب اقول ان للزعيم عبد الكريم قاسم انصار يحبونه ويقدسونه وينسبون له قصصا لم نسمع بها الا في الفيس بوك، وعند مقتله على يد البعثيين يوم 9 شباط 1963 صارت الناس تتحدث بيقين عن رؤيتهم لصورته في القمر!
وكنت يومها مراهقا وبصري حديد ورفعت راسي للقمر مرات لكني لم اشاهده. وعلى الهامش اذكر مهزلة مهينة، فقد ظهر محامي صدام حسين في مقابلة تلفزيونية (موجودة على اليوتيوب) تحدث فيها عن رؤية الناس لصدام حسين في القمر.. وهو جاء معه بصور للقمر ووضعها امام المشاهدين كي يتأكدوا انه موجود هناك وليس في الحفرة!
وها نحن نقترب من ذكرى الحدث الكبير (14 تموز 1958) وتستعد أقلام اعداء واصدقاء الزعيم للكتابة عنه بهذه المناسبة.
الكتابة بهدف تمجيده او مهاجمته وليس لأخذ العبرة بالطبع.
وأقول:
ربما كانت مواقف الناس من الزعيم وغيره مبنية على مشاعر نشأت من موقف من صورة او حدث.. تماما كما حصل معي في هذه الشخبطة.
او كما حصل مع مظفر النواب الذي اخرجه صدام من السجن واستقبله واهداه مسدسا.. ولعله لهذا الموقف لم يكتب قصيدة ضد صدام حتى رحيله!
واقول ربما حتى لا يكون الموضوع عرضة لنقاش يشغلنا عن صرختي وصرخة الطفل المذعور:
أيها الزعيم اترك يدي فانت تؤلمني!
قياديون في فصائل المقاومة: ندرس تنشيط خيار «وحدة الساحات» بوجه الكيان الصهيوني
19-حزيران-2025
الصدر يدعو إلى «تظاهرة سلمية» ضد الإرهاب الصهيوني
19-حزيران-2025
العراق في ذيل الدول ضمن مؤشر الصحة العالمي
19-حزيران-2025
أردوغان يشبه نتنياهو بهتلر: نقف مع ايران
19-حزيران-2025
مراقبون دوليون لمراقبة الانتخابات العراقية
19-حزيران-2025
فقدان 300 ميغاواط بأعمال تخريب طالت أبراج في البصرة
19-حزيران-2025
تفعيل محطات رصد الإشعاع النووي في عدّة محافظات
19-حزيران-2025
قياديون في فصائل المقاومة: ندرس تنشيط خيار «وحدة الساحات» بوجه الكيان الصهيوني
19-حزيران-2025
توقفت الإجراءات بعد تصفية الخلافات بين السوداني والحلبوسي
19-حزيران-2025
بينها تفعيل الرقابة.. التجارة: خطة وطنية استراتيجية لحماية الأسواق من التقلبات الإقليمية
19-حزيران-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech