شخصية القائد أم انجازات القائد
18-أيار-2024

كامل سلمان
حين تمر على بعض البيوت وبعض المحال التجارية في زمن النظام السابق (نظام صدام حسين) وفي زمن النظام الحالي (نظام تعدد القادة والرموز)، غالباً ما تلاحظ نفس الظاهرة المتكررة قديماً وحديثاً وهي ظاهرة إنتشار صور القادة معلقة على جدران غرف الاستقبال او في مداخل البيوت والشوارع والمحال التجارية، حتى أنني وصلت إلى بعض بيوت التجاوز والعشوائيات وهي مناطق خربة غير صالحة للسكن بتاتاً، كنت أرى نفس الصور، وأكثر ما أثار إستغرابي بائع للحلويات في عربة متجولة يضع واحدة من صور القادة في مقدمة عربته، بل والأكثر إستغراباً شاهدت عجوز تتسول وتضع في أحضانها صورة احد القادة أو الرموز، لماذا؟ لماذا هذا الحب وهذا الولاء لهؤلاء القادة؟ ماذا قدموا لكم هؤلاء القادة قديماً وحديثاً؟ هذه التساؤلات لم أتحير بها وبالإجابة عليها ، لأنني أعلم يقيناً لا يوجد حب وولاء عند عامة الناس لقادتهم، إلا من كان مستفيداً منهم، وغير ذلك فهو الخوف !، نعم أيها السادة إنه الخوف الذي لا يفارق قلوب الناس، هؤلاء القادة يتوارثون الخبرة في زرع الخوف في قلوب الناس، عشرات المطربين والشعراء والفنانين يتغنون بالقائد ويرقصون للقائد، أنه الخوف ياناس، أما المحبين والمعجبين بالقادة فهم أقلية مستفيدة أو الأقلية الغبية التي تكون معجبة بطول وهندام وشخصية القائد و هذه الأقلية تترقب أن يغدق عليها القائد الأموال، هذه مشكلة الجهلاء على طول التأريخ ينظرون إلى القادة بتعجب وانبهار، ينظرون إلى كلماتهم الجميلة العظيمة وكل حكمة ينطقونها، ينظرون إلى شجاعتهم وبلاغتهم، ينظرون إلى شخصياتهم الجذابة، يتأملون مكرمة منهم، يرسمون صور لهم في اذهانهم تفوق الخيال ، ينظرون إلى ما ورد عنهم من قصص وروايات ومعجزات وكيف أفشلوا مؤامرات الأعداء في النيل منهم، ينظرون إلى كل ذلك ولا ينظرون إلى أعمال ومنجزات القادة، ماذا قدموا للناس، ماذا قدموا للأوطان، حروبهم الفاشلة تزكم الأنوف، استحواذهم العائلي على مرافق السلطة واقع مخزي، مطاردتهم وقتلهم لمعارضيهم صفحات سوداء. نعم هم عظماء في كل شيء على الورق، لكنهم بخدمة بلدانهم وخدمة شعوبهم لا شيء، كلنا نعلم العظيم الحقيقي هو من له عطاء ملموس لشعبه ولوطنه وهذا العطاء تبقى اثاره قائمة لأجيال، أما جمالية خطبه الرنانة العظيمة وتصريحاته العظيمة ونسبه العائلي العظيم فهذه خدع بصرية وذهنية تخدر عقول الجهلاء والمغفلين . ولكن ماهو السبيل وماهي حيلتنا إذا كانت الغالبية من الناس ينظرون لهذا الجانب الوهمي فقط ويغمضون أعينهم أمام الجوانب الأهم ، ويحاربون من يستطيع رؤية حقيقة عقل القائد ويمنعونه من تشخيص وإظهار عيوب ذلك القائد للملأ، ينظرون إلى الجانب الذي لا ينفعنا ولا يضرنا ويعتبرونه هو مقياس نجاح القائد، نرجع ونقول العيب كل العيب في المجتمع وفي الناس الذين يفضلون الأدنى على الأرقى والذين يروق لهم الخدر والسبات الذي هم فيه. تخدعهم الكلمات وما قيل ويقال عن القائد، أروني احد قادتكم العظماء سواء أكان من التأريخ أو من الحاضر وبينوا لي ماذا قدم هذا القائد العظيم ؟ سنجد فشله كبير في كل شيء إلا بتكريس السلطة لعائلته وقتله لمن يقول له لا . ينسبون الحكمة والبلاغة له وينسبون له السلالة الطاهرة ، وينسبون له الفضائل كلها ، فهو عظيم عندهم ، ينهلون من عطاءه الوهمي ، والسبب وراء كل ذلك هو أن الذين يكتبون التأريخ والذين ينقلون لنا يوميات القائد في كل زمان هم مجموعة من الشراذم التي أشبعت بطونها بالسحت الحرام من ذلك الحاكم أو ممن خلفه ولا نجد من كتب عن حقيقة هذا القائد بشكل واقعي وصريح ، لأن مثل هذا الإنسان المنصف في كتاباته سيتم قطع رأسه قبل أن تصل كلماته للناس وقد يقطع نسله ، فهم لم يصبحوا قادة إلا بالغدر والخديعة ، ولأن رواة التأريخ الموثوقين من قبل القائد لم يجدوا للقائد العظيم أية عظمة فينسبون له المواعظ والحكم ، وينسبون له ما تصنعه مخيلتهم ، وينسبون لاعدائه الرذائل كلها ويحملون اعداء قادتهم سبب فشل قادتهم . أرجو من كل من يبحث عن الحقائق أن يضع كل القادة في هذا الميزان ، ميزان ماذا قدموا لشعوبهم ولأوطانهم ستتبين المخفيات . ولو أني أرى وأعتقد بأن القائد مهما كان عطاءه فهو ليس أكثر من إنسان ، أما أن يترك لنفسه الذكر الطيب أو يترك لنفسه الذكر السيء ، فهو أن عاش أو مات فهو من البشر من دم ولحم . فأن أنصف في عطاءه فذلك ضمن واجبه وإن أساء في عطاءه فعليه اللعنات ، الناس تخاف وتهرب من الحقيقة لأن الحقيقة لا يتحملونها ، هم فقط يتحملون الخداع ، فقد أدمنت عقولهم على ما يسمعونه لا على ما يلمسونه . القائد وأي قائد لم يقل أنا إله أو كائن مقدس ، ولكن هناك من قال عنه إله ومقدس، ثم أجبر الناس ليقولوا عنه إله ، وهذا القائل عن القائد إله أو مقدس يعلم علم اليقين أن هذا القائد لا يملك حسنة واحدة لصالح شعبه ولا يملك ميزة واحدة ترفعه فوق الناس ، فماذا تريدونهم يقولون عنه ؟ الحقيقة نحن مجتمعات نعاني من عقدة أسمها ( القائد أو الحاكم ) لأن تأريخنا يشهد بأنه لم يأتي قائد و همه الشعب ، بل كان دوماً يأتينا القائد وهمه كيف يستعبد الشعب ! وكيف يعطي الزخم والإدامة لنظام حكمه ؟ وكيف يجعل أفراد أسرته والأقربون قادة علينا ؟ هي حقيقة مؤلمة مازلنا نعاني من هذه العقدة ولا أظن ستفارقنا هذه العقدة ، وسنستمر طالما مفهوم القائد ما زال في مخيلتنا هو الذي قادر على إحياء الناس أو إماتتهم .

رئيس هيأة الإعلام والاتصالات يلتقي رئيس مجلس الوزراء لعرض استعدادات الهيأة للقمة العربية وخطوات الرخصة الوطنية والسيادة الرقمية 
4-أيار-2025
السفارة الأوكرانية في العراق: محطة زابوريزهيا النووية.. الضمان الوحيد لسلامة أوروبا
26-نيسان-2025
الذكرى الـ٣٩ لحادثة محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية: 5 ملايين شخص عانوا من عواقب الحادث
26-نيسان-2025
البياتي يواصل جولاته الميدانية لمتابعة المشاريع الخدمية في ديالى: خدمة المواطنين شرف لنا
23-نيسان-2025
الخارجية الأوكرانية تعلق على تقرير مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان
29-آذار-2025
منتجات مصانع كردستان تتكدس.. بغداد تطالب أصحابها بوثائق رسمية واربيل ترفض
18-آذار-2025
اتصال هاتفي بين السوداني وماكرون
18-آذار-2025
نائب: لا تعديل على قانون الانتخابات
18-آذار-2025
زيارة الشيباني إلى بغداد فصل جديد من العلاقات العراقية – السورية
18-آذار-2025
مصير «نور زهير» تسليم الأموال مقابل الحرية
18-آذار-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech