بغداد – العالم
تعيش الساحة السياسية السنية في العراق حالة من الاستنفار والتحشيد المبكر مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، وسط تنافس محتدم بين خمس كتل رئيسية تسعى إلى فرض حضورها في المحافظات الغربية والشمالية وإعادة رسم موازين القوى داخل البيت السني.
ووفقاً لمصادر سياسية مطلعة، فإن أبرز القوى المتنافسة هي تحالف "تقدم" بزعامة رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي، وتحالف "عزم" بزعامة مثنى السامرائي، وتحالف "السيادة" بزعامة خميس الخنجر، إلى جانب كتلتي "نينوى لأهلها" برئاسة عبد الله حميدي عجيل الياور، و"الحسم" بقيادة وزير الدفاع الحالي ثابت العباسي.
وتُظهر التقديرات الأولية أن مجموع مقاعد هذه القوى مجتمعة قد يتجاوز 70 مقعداً نيابياً على مستوى العراق، ما يجعلها رقماً مؤثراً في معادلة تشكيل الحكومة المقبلة.
يقول السياسي المستقل مهند الراوي إن الخريطة الانتخابية السنية تتبلور حالياً حول أربع كتل رئيسية هي: تقدم، عزم، السيادة، ونينوى لأهلها. ويشير إلى أن التنافس الأشد يدور بين "تقدم" و"عزم"، في ظل سعي كل طرف لتعزيز حضوره عبر تحالفات فرعية داخل المحافظات.
ويضيف الراوي أن تحالف "تقدم" يعوّل على تحالفاته مع كتل مثل "قمم" برئاسة خالد بتال و*"الأنبار هويتنا"* برئاسة علي فرحان الدليمي، إضافة إلى "القيادة" في الأنبار، مما قد يؤمن له من 8 إلى 9 مقاعد في المحافظة وحدها.
وفي المقابل، يعتمد تحالف "عزم" على شخصيات سياسية واجتماعية بارزة مثل رعد الدهلكي ومحمود القيسي وياسين العيثاوي، فضلاً عن دعم زعامات عشائرية مؤثرة في بغداد والأنبار وديالى وصلاح الدين.
من جانبه، يؤكد القيادي السني مزاحم الحويت أن كتلة "تقدم" ما تزال الأقوى داخل البيت السني، متوقعاً أن تحصد نحو 90% من مقاعد الأنبار إضافة إلى 4 أو 5 مقاعد في نينوى.
ويشير الحويت إلى أن "تقدم" تمتلك نفوذاً حكومياً واسعاً بوجود عدد من الوزراء الحاليين والسابقين في صفوفها، مثل وزير الثقافة أحمد الفكاك ووزير الصناعة خالد بتال ووزير الزراعة السابق فلاح زيدان ووزير التربية الأسبق علي حميد، ما يمنحها زخماً تنظيمياً وإدارياً في السباق الانتخابي.
ويرى الحويت أن "عزم" سيحقق نتائج مهمة لكن دون مستوى "تقدم"، فيما لا يُتوقع أن تتجاوز حصة "السيادة" 7 مقاعد، في حين يُتوقع أن يبرز حزب "الحسم" كلاعب جديد يمكنه تحقيق حضور ملحوظ في الأنبار ونينوى وديالى.
كما أشار إلى بروز حزب "الهوية الوطنية" الذي يقوده عمر نامق المولى، نائب محافظ نينوى، تحت مظلة زعيم حركة بابليون ريان الكلداني، ومن المرجح أن يحصد من 3 إلى 4 مقاعد في نينوى.
بدوره، يقول القيادي في "عزم" غانم العيفان إن التحالف الذي يقوده مثنى السامرائي بات رقماً صعباً في المعادلة السنية، متوقعاً أن يحصد نحو 25 مقعداً في عموم العراق، مؤكداً أن المشاركة الواسعة التي تشمل أكثر من 300 مرشح تمثل "رهان التحالف على الانتشار الشعبي لا الإعلامي فقط".
ويشير القيادي الآخر في التحالف مظفر الكرخي إلى أن قوائم "عزم" تتمركز في بغداد وديالى وكركوك والموصل والرمادي، وأن التحالف يسعى لأن يكون المنافس الأبرز لـ"تقدم" حتى في أسوأ السيناريوهات الانتخابية. ويرى مراقبون أن الانتخابات المقبلة قد تشهد تحولات عميقة في البنية السياسية السنية، بعد تراجع بعض التحالفات التقليدية وصعود قوى محلية جديدة تمثل الجيل الثاني من السياسيين السنة.
ويُرجّح أن تتراوح حصة "تقدم" بين 27 إلى 30 مقعداً، مقابل 20 إلى 25 لتحالف "عزم"، و8 إلى 10 لتحالف "السيادة"، و6 إلى 8 لتحالف "الحسم"، فيما تتوقع المؤشرات أن تحصد كتلة "نينوى لأهلها" نحو 6 إلى 7 مقاعد في نينوى.
ويخلص المراقبون إلى أن المشهد الانتخابي السني يتجه نحو منافسة حامية بين القوى التقليدية والوجوه الجديدة، في اختبارٍ قد يعيد رسم توازن القوى داخل المكون السني ويحدد موقعه في الخارطة السياسية العراقية المقبلة.