سلام عادل
دعت نقابة الصحافيين العراقيين اعضاء النقابة وفروعها كافة، إلى التفاعل مع فعاليات متعددة ستقام تباعاً حتى آخر شهر حزيران، حيث سيقام مهرجان فلكلوري باستخدام الأزياء الشعبية على حدائق (شارع أبو نؤاس) وسط بغداد، لغرض إظهار التعددية والتنوع الذي يتميز به النسيج الاجتماعي العراقي، وهي وسيلة تعبير اختارتها النقابة تزامناً مع الاحتفال بعيد الصحافة العراقية.
وبالتزامن مع عيد الصحافة العراقية ستحتفل البلاد في الـ30 من حزيران بالذكرى 104 على اندلاع ثورة العشرين، وهي الثورة التي رسمت مسار الدولة العراقية الحديثة، ورسخت المطالب الخاصة بنيل الاستقلال في ذلك الزمن الذي سادت فيه هيمنة المحاور، واتسعت سياسة الاحتلال والاستعمار وفق مقاسات القوى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى.
ومن هنا تأتي أهمية ارتداء الأزياء الشعبية في مثل هكذا مناسبات وطنية، بكونها تعبيراً وجودياً يمثل أهل الارض وتاريخهم، لا سيما ارتداء (الشماغ)، الذي يعود أصلاً للعهد السومري، وصولاً إلى رمزيته المعبرة عن ثورة العشرين باعتباره زي الثوار، بغض النظر عن الألوان المستخدمة له، سيما أن الشماغ السومري، او العراقي، بات اليوم رمزية من رموز الكفاح والنضال الفلسطيني، وصار يطلق عليه اسم (الكوفية)، نسبة إلى مدينة الكوفة بالطبع، وهي أول عاصمة حضارية في الإسلام.
ويتميز المجتمع العراقي بتعدد السلالات، وهنا يفضل استخدام وصف السلالات على (المكونات)، باعتبار أن المجتمع العراقي نسيج متداخل من اعراق مختلفة بينها الكثير من الروابط، قد تزاوجت وتصاهرت على مدار قرون، ما يحول دون الفصل العنصري بينها، وهو ما لم يفهمه الأمريكان حين قسموا المجتمع إلى مكونات، ثم فرضوا ان تمثل هذه المكونات جميع الاتجاهات سياسية.
وتظهر روابط السلالات العراقية بشكل واضح من ناحية الأزياء بمجرد النظر إلى (الصاية)، والتي تكاد تكون الزي الموحد الذي يجمع الجميع، والصاية او (الزبون)، بتعبير آخر، هي رداء طويل يتم ارتداؤه من قبل رجال العشائر ورجال الدين وأبناء المدن على حد سواء، وهي ملابس أهل الجنوب والوسط والشمال، وهي للشيعة والسُنة والعرب والأكراد والتركمان، وتكاد تكون زياً مشتركاً بين شعوب قارة آسيا حتى، يلاحظ ذلك عن الصينيين واليابانيين الذين يطلقون عليه اسم (الكيمونو).
ولهذا تبدو دعوة نقابة الصحافيين جميع الأعضاء في النقابة، وفروع المحافظات المنتشرة على الجغرافية العراقية، إلى الاحتفال بعيد الصحافة بتوقيت يتزامن مع حدث وطني مهم مثل ذكرى ثورة العشرين، إنما هي دعوة تنطوي على معاني وحدوية وثقافية لا شك من كون البلد بحاجة لها للحفاظ على المشتركات الوطنية.
وستكون هذه الاجواء الاحتفالية اكثر ظهوراً وتعبيراً في حال لبت القنوات التلفزيونية، على وجه الخصوص، دعوة نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي، الذي دعا للاحتفال بالأزياء الشعبية نهاية شهر حزيران على حدائق (شارع أبو نؤاس)، من خلال جعل المذيعين والمذيعات في نشرات الاخبار يرتدون الأزياء الشعبية بمختلف اشكالها، الأمر الذي ربما سيؤسس لتقليد وطني يعاد تكراره كل عام يعود الفضل فيه لنقابة ونقيب الصحافيين العراقيين. ولعل فعاليات من هذا النوع تعتبر من افضل الوسائل التربوية المعتمدة لدى الكثير من الدول، لكونها تساهم في نشر الثقافة وتزيد أواصر الارتباط بالهوية الوطنية، وهو ما يتم ملاحظته لدى الكثير من شعوب أوربا وآسيا وأفريقيا، التي تحتفل عادة في المناسبات الوطنية عبر ارتداء الأزياء الشعبية.