بغداد ـ العالم
تزامنا مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الأحمال الكهربائية في عموم مناطق العراق، بدأ إنتاج الطاقة في العراق يواجه عجزًا كبيرًا خلال الآونة الحالية، نتيجة نقص إمدادات الوقود اللازم لتشغيل المحطات، خاصة العاملة بالغاز الطبيعي.
ويصل القطع المبرمج في أحسن حالاته الى 10 أو 12 ساعة يوميًا.
ويمثل ملف الطاقة الكهربائية إحدى أبرز المشكلات الخدمية التي يعاني منها العراقيون منذ عام 2003، رغم إنفاق الحكومات المتعاقبة عشرات المليارات من الدولارات على القطاع في السنوات الماضية، بينما تشهد البلاد انقطاعات طويلة في التيار لاسيما خلال فصلي الصيف والشتاء، لذا يعتمد العراقيون بشكل كبير على شراء كميات محدودة من الطاقة الكهربائية من أصحاب المولدات الأهلية المنتشرة في المناطق السكنية في البلاد.
وطبقا لمصدر مطّلع، فإن إمدادات الغاز الإيراني عادت إلى العراق نهاية الشتاء الماضي بمعدل 7 ملايين متر مكعب فقط يوميًا، وارتفع في نهاية أبريل/ نيسان إلى 35 مليون متر مكعب يوميًا، ثم انخفض لاحقًا.
وبحسب المصدر - الذي تحفظ على كشف هويته ـ فإن الجانب الإيراني خفض إمدادات الغاز للعراق إلى 20 مليون متر مكعب يوميًا في الآونة الحالية، رغم أن المتعاقَد عليه هو 55 مليون متر مكعب يوميًا.
وفي 19 مايو/أيار الجاري، أصدر وزير الكهرباء زياد علي فاضل قرارًا باستثناء المدارس والجامعات الحكومية والأهلية من القطع المبرمج خلال مدة الامتحانات النهائية للعام الحالي 2025.
ويتراوح حجم إنتاج الكهرباء في العراق 2025 (منذ بداية العام وحتى منتصف مايو/أيار) بين 20 و25 ألف ميغاواط، صعودًا وهبوطًا حسب حجم إمدادات الغاز الإيراني.
ويقول المصدر لمراسل "العالم"، إن "هذا النقص في الغاز الإيراني سيتسبب في خفض إنتاج الكهرباء، حيث يبلغ الإنتاج حاليًا 20 ألف ميغاواط، رغم أن الوزارة أكملت جميع صياناتها، لكن أزمة الوقود ستسبّب مشكلة في تشغيل المحطات".
وتابع ان "الجانب الإيراني لم يبلّغنا حتى الآن بأسباب انخفاض إمدادات الغاز، رغم أن لديه فائضًا في الوقت الحالي".
ويتوقع المصدر أن ينخفض الإنتاج أكثر من ذلك خلال المدة المقبلة.
وقال "هذا سيسبّب كارثة في الإنتاج إذا انخفض أكثر من ذلك"، حسب تعبيره.
وأضاف أنه إذا استمر انخفاض إمدادات الغاز الإيراني، فإن إنتاج الكهرباء في العراق سينخفض إلى مستوى 16 ألف ميغاواط، "رغم أنه يمكننا إنتاج 28 ألف ميغاواط في حالة وجود الوقود".
بسؤال المصدر عن تطورات التجهيز لاستيراد الغاز المسال، الذي سبق أن أعلنه وزير النفط حيان عبدالغني، وهل من المتوقع استيراد أول شحنة قبل نهاية هذا الصيف؟ قال: "إن هذا الملف لدى وزارة النفط.. الوزارة تعمل حاليًا على اكتمال المنصة العائمة، لكنها حتى الآن غير مكتملة".
وأضاف أن هناك شركة ستتكفل بجلب الغاز من الجزائر وقطر وعمان، وسيكون التعاقد من خلالها، وليس مع هذه الدول مباشرة.
وبالنسبة للغاز التركمانستاني، وهل توقَّف الحديث عنه، قال المصدر: "إن هناك مباحثات جادّة، لكنها تأخذ وقتًا".
وفيما يتعلق بالمفاوضات مع تركيا لزيادة إمدادات الربط الكهربائي الذي يبلغ حاليًا 300 ميغاواط، فقد أوضح المصدر أنه جرى الاتفاق مع أنقرة على رفع قدرات الخط إلى 600 ميغاواط بداية من شهر يونيو/حزيران المقبل.
من جهته، اكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد العبادي، أن أزمة الكهرباء في البلاد ليست ناتجة عن خلل فني في المحطات، بل تعود لأسباب سياسية واقتصادية.
وقال العبادي، إن "المشكلة ليست في المحطات الكهربائية، فغالبيتها تعمل بكفاءة، لكن هناك نقصاً في الوقود وعدم توفره بالوقت المناسب، ما يؤدي إلى توقفها عن العمل".
وأشار إلى أن "الوزارات المتعاقبة فشلت في معالجة ملف الغاز المحروق محلياً، واستمرت بالاعتماد على الغاز المستورد، رغم أن العراق يمتلك مصادره الخاصة".
وختم بالقول إن "أموالاً طائلة صُرفت على قطاع الكهرباء دون نتائج ملموسة، والمواطن ما زال يعاني".
وفي عام 2021، قال رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، إن العراق أنفق نحو 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء، "لكن الفساد كان عقبة قوية أمام توفير الطاقة للناس بشكل مستقر، وهو إنفاق غير معقول دون أن يصل إلى حل المشكلة من جذورها".