المنقذ دولة المواطنة ضمانة السيادة والبناء
3-حزيران-2024

حسين فوزي
لم يسع السيد مقتدى الصدر لتركيز الأضواء على استقبال سماحة الإمام المجتهد الأعلى السيد علي السيستاني له، ضمن دماثة حوزوية لا تسعى للمتاجرة بثقة المرجع الأعلى من جهة، وتجنب أحراج سماحته في منح هذا الشرف له دون "اللاعبين" في الساحة السياسية.
ومن المؤكد أن "اللاعبين السياسيين" سعوا للتعتيم على هذا اللقاء، كونه مثار تساؤلات شعبية تتناول أسباب عزوف سماحة المرجع الأعلى عن استقبالهم، بجانب أنه شكل غطاء "شرعياً" مضافاً إلى الشرعية الشعبية لتحرك مقتدى نحو اشهار التيار الوطني الشيعي، على طريق بناء تحالف وطني عراقي جامع، يستند إلى طموح المواطنين في استئصال الفساد، والتنمية المستدامة وسيلة لمعالجة البطالة والارتقاء بالمستوى المعيشي، وتوظيف زيادة الدخل الوطني لتحقيق المزيد من الخدمات، والمواصلات ضمنها "المجسرات"، والصحة والتعليم، ومواكبة التقدم العلمي والفني، وحوكمة الدولة الكترونيا، التي ينبغي ان تكون وفق اسبقيات زيادة الثروة الوطنية أولاً، وليس استنفاذها في مشاريع غير منتجة، بجانب صيانة سيادة العراق، من خلال الحرص على "تصفير" موضوعي عملي لمشاكل العراق مع الجوار جميعاً، بتنمية علاقات ثنائية ومتعددة الأطراف وفق المصالح المشتركة، ضمنها طريق التنمية، وينبغي أن تكون في مقدمتها العلاقات مع الأقطار العربية، أولها الجوار ومصر.
ومع تحفظي على دعوة سماحة السيد مقتدى إلى طرد السفيرة الأميركية وقطع العلاقات مع واشنطن، وقناعتي بان الدعوة إلى مقاطعة المصالح الأميركية ستكون أمضى، وبشكل يجعل السفيرة الأميركية بتوجيه من الإدارة الأميركية العليا، تسأل عما هو مطلوب من واشنطن، ومنها شخصياً، من اجل فسح المجال لتطور التعاون الثنائي اقتصادياً وفنياً وعلمياً، بما يخدم مصالح العراق، وبالتأكيد في الوقت نفسه خدمة مصالح الشركات والأفراد الأميركيين. يظل من المفترض ان توظف الحكومة مطالبة سماحة السيد بطرد السفيرة وسيلة للضغط على واشنطن لتتخذ موقفاً يوقف قتل الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة. وهو أسلوب مارسه المغفور له فيصل الأول في تعامله مع الوصاية البريطانية على العراق والمندوب السامي البريطاني...كما تمارسه الجارة إيران بصيغة مطالب الدولة ومطالب الثورة والشعب.
وستظل دعوة سماحته الجريئة إلى طرد السفيرة تعبيراً صريحاً عن السخط الشعبي العراقي على موقف الإدارة الأميركية في الدفاع عن التوسع الصهيوني ومجازره الدموية ضد النساء والأطفال والشيوخ. وفي هذا الإطار يمكن المطالبة بسحب السفير العراقي من واشنطن، والمطالبة بإنزال درجة التمثيل المتبادل إلى مستوى قائم بأعمال، تعبيراً عن وسائل الاحتجاج السلمي الفاعل للعراقيين على واشنطن، التي حرص بذكاء السيد على تأكيد ضرورة أن تكون الإطار للحراك الجماهيري ضد السياسة الأميركية، وليس حوار الصواريخ محدودة التأثير.
كما أن ما طرحه السيد بشأن الموقف من اليهود، وتمييزه بين حق الإنسان في معتقده وبين الحركة الصهيونية التوسيعية، يشكل ومنذ الطروحات المبكرة لسماحته في عام 2018، بشأن ترحيبه بعودة اليهود المهاجرين لإسرائيل أو غيرها إلى العراق، طالما يكون ولاؤهم للعراق وحده وليس لغيره، هو تجسيد لمستوى من المعالجة السياسية لقضية ساخنة، طالما كانت مثار تحفظ وتخوف أطراف كثيرة من تناوله، وتجسيد لدرجة عالية من المسؤولية الوطنية والإنسانية في تناول قضية إقامة القوى الاستعمارية لإسرائيل حارساً متقدماً لمصالحها في المنطقة. وهذا يؤشر نضجاً عالياً يعطي طروحات سماحة السيد المزيد من القوة على الصعيد العربي والدولي، بجانب ثقله الجماهيري المتزايد داخلياً، ومقبولية طروحاته من قبل بقية الأطياف العراقية.
فالسيد قال بجرأته المتناهية الصراحة إن حكام إسرائيل، وعلى رأسهم نتن ياهو، ينفذون مخططات توسع صهيونية دامية، تلحق ضرراً كبيراً بسمعة اليهود، وهو في هذا يعزز تعبئة الرأي العام اليهودي العالمي، ضمنه الراي العام الإسرائيلي، والإنسانية جمعاء، ضد المجازر التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني المناضل بكل الوسائل المشروعة من اجل حقه في تقرير المصير وإقامة دولته ضمن الشرعية الدولية. وفي الوقت نفسه إسقاط محاولة تصوير العرب أعداء لليهود وليس توسع الاستعمار الاستيطاني الصهيوني. إن هذا الطرح الجريء في تناول قضية ساخنة تلتهب فيها مشاعر العرب والمسلمين وبقية الإنسانية، يعني أن للتيار الوطني الشيعي رؤية إنسانية مدنية ديمقراطية واحترام عميق لحرية العبادة، وهي رؤية تنسجم تماماً مع كل ما يدعو له سماحة الإمام السيستاني، في معالجة الشأن العراقي وطموحات الشعب الفلسطيني.
وأعتقد انه بات من الضروري أن يبني السيد مقتدى الصدر على جميع طروحاته السابقة المزيد من التأطير لحراك التيار الوطني الشيعي، فمن الضروري تأكيد التمسك بقيم الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية، وبعض منه كان واضحاً من خلال علاقاته الوثيقة بالمحافظات الغربية وإقليم كردستان، التي كان من المؤمل أن تسفر عن حكومة اغلبية ثلاثية تتخطى الطائفية، لكن "متغيرات" مفاجئة مفروضة حالت دون مواصلة حراك التحالف الثلاثي المتخطي للطائفية.
ومن هذا المنطلق فأن تأطير إدارة التحالف الوطني الشيعي لشؤونه الداخلية وفق نظام داخلي واضح المعالم في الشراكة بصياغة الرؤية والقرارات، هو خطوة على الطريق الصحيح لتجسيد عمق الالتزام بمعايير المدنية الديمقراطية، ليكون هذا النظام الداخلي لبنة أولية لما يسعى له في إقامة تحالف وطني عراقي جامع يحقق التغيير السلمي وفق الدستور، بشكل يضمن مشاركة الحلفاء في صياغة القرار على أساس الخبرة إمكانية التنفيذ لتحقيق أفضل النتائج، دون استفراد الطرف الأقوى بالقرار، كما هو حال تحالف إدارة الدولة حالياً.
إن هذه الخطوات ضمانة أكيدة لخلق قوة جذب لا يمكن تجاهلها من كل من يؤمن بالعراق دولة مستقلة ضامنة لحقوق مواطنيها في حياة كريمة أفضل، وهي الأساس السليم لتحقيق التحالف الوطني الذي يتطلع له السيد مقتدى.
ومن المؤكد أن مصداقية التيار الوطني الشيعي... في تبني قضايا المستضعفين من كل المذاهب وبقية الأطياف ضمانة للارتقاء بتجربة "سائرون"، ليكون التحالف المرتقب أكثر تماسكاً في تحقيق اغلبية وطنية كفيلة بوقف التداعي المستمر، واحداث منعطف نوعي للتغيير والبناء، بإقامة دولة المواطنة، القوة الجاذبة لكل المؤمنين بالعراق، بغض النظر عن معتقدهم وأسلوب حياتهم الشخصية، ضمانة ملموسة لصيانة الحريات العامة والخاصة، التي بغيرها يتم استبعاد شرائح تتسم بكفاءات وخبرات رفيعة، ما يؤدي للانحراف عن المسار الوطني الجامع، بكل ما يعنيه من ضمانات عملية لتطبيق مفهوم دولة المواطنة، الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية. وهو مسار لا يمكن اكتسابه كل الزخم المطلوب ما لم تُشرك (بضم التاء) فيه القوى المدنية العلمانية المعترف بلا نقاش بدرجة نزاهتها وكفاءتها الرفيعتين. إنها مهمة وطنية عراقية وإنسانية كبرى ملحة، لا يمكن أن تتصدى لها غير قيادة سياسية واعية لقيم الحرية واحترام الراي الأخر، لتصطف خلفها جماهير عريضة، توظف بحنكة تجارب الشعوب العريقة الأخرى والخبرات السياسية والدبلوماسية المتراكمة لدى شخصيات رئيسة في التيار الوطني الشيعي وحلفائه، نتيجة "معايشتها" في مواقع دبلوماسية رفيعة. فهل يوفر دعاة التغيير الجذري، (شلع قلع)، الزخم المطلوب لعبور خندق الطائفية الموحل، الذي لم تفلح "دولة القانون" في عبوره؟!؟

رئيس هيأة الإعلام والاتصالات يلتقي رئيس مجلس الوزراء لعرض استعدادات الهيأة للقمة العربية وخطوات الرخصة الوطنية والسيادة الرقمية 
4-أيار-2025
السفارة الأوكرانية في العراق: محطة زابوريزهيا النووية.. الضمان الوحيد لسلامة أوروبا
26-نيسان-2025
الذكرى الـ٣٩ لحادثة محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية: 5 ملايين شخص عانوا من عواقب الحادث
26-نيسان-2025
البياتي يواصل جولاته الميدانية لمتابعة المشاريع الخدمية في ديالى: خدمة المواطنين شرف لنا
23-نيسان-2025
الخارجية الأوكرانية تعلق على تقرير مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان
29-آذار-2025
منتجات مصانع كردستان تتكدس.. بغداد تطالب أصحابها بوثائق رسمية واربيل ترفض
18-آذار-2025
اتصال هاتفي بين السوداني وماكرون
18-آذار-2025
نائب: لا تعديل على قانون الانتخابات
18-آذار-2025
زيارة الشيباني إلى بغداد فصل جديد من العلاقات العراقية – السورية
18-آذار-2025
مصير «نور زهير» تسليم الأموال مقابل الحرية
18-آذار-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech