استراحة مع القديم ربما ليست مهمة!
26-تموز-2023
عامر بدر حسون

دعيت في التسعينات لفعالية ثقافية في الدانمارك، فاخترت ان تكون مساهمتي من أغرب المساهمات:
القاء محاضرة واقامة معرض عن الأشياء التي اودعها عندنا منفيون عراقيون، لكنها فقدت قيمتها الثمينة مع تقلبات وتحديات الحياة ولم يعد يطالب بها اصحابها!
إقامتي الطويلة في الشام جعلت بيتنا مستودعا آمنا لأثمن ما يملكه المنفيون:
رسائل حب تبادلها حبيبان قبل زواجهما، عقود زواج، ورقة صغيرة من المستشفى تحدد وزن المولود الأول، صور عائلية، هويات مهنية قديمة، دفاتر تلفونات، جوازات سفر منتهية او مزورة، أوراق وقطع أقمشة وهدايا صغيرة، وكاسيتات لأغاني قديمة وأشياء لا يمكنني عدها الان.
كانت تلك الأشياء هي خلاصة ذكريات المنفيين الذين قرروا اللجوء الى أوروبا بجوازات سفر مزورة.
وكان عليهم قطع أية صلة بأسمائهم وقصصهم الحقيقية وكل ما يمكن أن يدل على شخصياتهم الحقيقية او لوجودهم في سورية.. فاللجوء يحتاج لقصة منطقية.
وقصص العراقيين الحقيقية لا يمكن تصديقها!
لكن أحدا ممن أودع عندنا تلك الأشياء الثمينة، لم يعد للمطالبة بها!
فلقد عاش بعضهم باسمه الجديد وقصته الجديدة، وصارت تلك الأشياء والوثائق تناقض قصته وتهدد لجوئه.
ورسائل الغرام انتهى بعض كتابها إلى الطلاق!
والأطفال كبروا وغادروا ولم تعد ثمة قيمة لورقة من المستشفى تدل على وزنه عند الولادة، وبعض أصحاب هذه الموجودات مات أو ضاع!
وما أذكره بشكل واضح هو ان تلك الأشياء وضعت عندنا مع توصيات حارة بضرورة الحفاظ عليها.
لكن الحياة، معلمنا الأقسى والأروع، حولت تلك الكنوز الثمينة إلى أشياء بلا قيمة! والأشياء بحد ذاتها قد لا تكون مهمة، لكن شعورك بها هو الذي يمنحها المعنى. وعندما تبدلت الأولويات عند اصحابها.. تضاءلت قيمة تلك الأشياء وتلاشت.
وعندما كنا نتواصل معهم ونسألهم ماذا نفعل بأماناتكم؟
كان الجواب مبهما.. فهم ما عادوا يعرفون ما اهميتها لهم الان!
من هذه الأشياء، يوم كانت ثمينة وعزيزة على أصحابها، فكّرت بإقامة المعرض.
وقد رحب من دعاني بالفكرة، فهم إضافة لحبهم للصرعات، يحبون التوقف عند رموز الحياة المنسية.
ولسبب، خارج عن إرادتي، لم أذهب لكنني أرسلت المحاضرة عن هذه الأشياء حيث ألقيت بالنيابة عني ودون وجود المعرض.
وواسيت نفسي بالقول، انني سأقيم المعرض في العراق يوما ما!
لكن اهتمامات العراق تغيرت، كما ترون، تماما كما تغيرت اهتمامات وأولويات أصحاب تلك الأشياء المنسية.
ولقد توقفت صدفة بالأمس أمام ما بقي منها، وتأملت فيما يمكن أن تعنيه.
انها الآن منسية ولا أحد يطالب بها، ولا أدري ان كان أصحابها قد تطوروا في إنسانيتهم واهتماماتهم، أم انهم ذهبوا في اتجاه آخر ففقدت قيمتها عندهم.
تلك الأمانات كانت تشكل رموزا لأشياء قد يموت أحدهم من أجلها، وأظن انها التي عناها احمد شوقي بقوله:
"قد يهون العمر إلا ساعة
وتضيق الأرض إلا موضعا".
ولا ينبغي الحكم على أصحاب تلك الأشياء المنسية، فالحياة تطرح كل يوم رمزا ومكانا وساعة يهون العمر كله لولاها، لكنها بانتهاء الساعة، تصبح مثل وردة يابسة في كتاب.
وحين انظر إليها اليوم يزداد يقيني انها مازالت ثمينة.
لكن لأصحابها رأي آخر!
نشرت في عام 2010 وذكرني بها الفيس، ولعل موضوعها تكرر مع المهاجرين العراقيين الجدد.
قياديون في فصائل المقاومة: ندرس تنشيط خيار «وحدة الساحات» بوجه الكيان الصهيوني
19-حزيران-2025
الصدر يدعو إلى «تظاهرة سلمية» ضد الإرهاب الصهيوني
19-حزيران-2025
العراق في ذيل الدول ضمن مؤشر الصحة العالمي
19-حزيران-2025
أردوغان يشبه نتنياهو بهتلر: نقف مع ايران
19-حزيران-2025
مراقبون دوليون لمراقبة الانتخابات العراقية
19-حزيران-2025
فقدان 300 ميغاواط بأعمال تخريب طالت أبراج في البصرة
19-حزيران-2025
تفعيل محطات رصد الإشعاع النووي في عدّة محافظات
19-حزيران-2025
قياديون في فصائل المقاومة: ندرس تنشيط خيار «وحدة الساحات» بوجه الكيان الصهيوني
19-حزيران-2025
توقفت الإجراءات بعد تصفية الخلافات بين السوداني والحلبوسي
19-حزيران-2025
بينها تفعيل الرقابة.. التجارة: خطة وطنية استراتيجية لحماية الأسواق من التقلبات الإقليمية
19-حزيران-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech