ألم!
19-تموز-2023
عامر بدر حسون

ـ ذات يوم أخذوا أختي الكبيرة الى الامن ثم اطلقوا سراحها في نفس اليوم.
كانت معلمة وقد بدأت بالعمل على انجاز معاملتها التقاعدية بعد تسعة عشر عاماً من التعليم.
لم تطق إلحاحهم عليها بأن تنتمي الى الحزب، فقررت الاستقالة مستعينة بوضعها الصحي.
لم تتحدث معنا عندما عادت من مركز الامن.
كانت حزينة وكئيبة، وفي غاية الانطفاء.
لم تجلس معنا لحظة واحدة، ولم تجب عن اي سؤال من زوجها وأبنائها ومني.
لقد بدأت تعمل في البيت:
غسلت الصحون التي كانت مغسولة.. ومسحت الأرض التي مسحتها أنا، ورتبت الملابس المرتبة، ولم تترك شيئاً في البيت دون أن تمر بيدها عليه!
كانت صامتة.. وكنت أرقبها وأشعر أن أسنانها ستتحطم من فرط ضغطها عليها!
واستمرت حتى الليل في هذه الحركة الصامتة والصاخبة.
وعندما انتهى كل شيء وقفت أمامنا، ورأت الأسئلة والخوف في وجوهنا..
وتلفتت يمينا ويسارا.. وفتحت يديها قليلا ثم أنزلتهما بيأس..
وتهاوت على الأرض دون أي صوت!
تشنج وجهها وماتت يدها وبدأ اللعاب يسيل من فمها.
وبسرعة نقلناها إلى المستشفى.
قال الطبيب:
ـ لقد تعرضت لصدمة كبيرة وأصيبت بالشلل!
كنت أخاف على حياتها لانني شعرت أنها تريد أن تموت.
منذ أن عادت شعرت أنها تريد أن تموت، لكنني لم أنتبه لشعوري منذ البداية،
الآن تيقنت أنها كانت تريد الموت!
سألت الطبيب:
ـ هل ستعيش؟
قال وهو ينظر الى زوجها:
ـ لقد كانت الصدمة كبيرة. ماذا حصل لها؟
قلت، وكأنني أضع كل شجاعتي في هذا الاتهام:
ـ لقد أخذوها للأمن وعادت دون أن تنطق بكلمة !
وكأنه فهم كل شيء.. هز رأسه بأسف وقال:
ـ ابقوا بالقرب منها!
جلست قربها وأنا أشعر أنها لو أرادت فستنهض وتعود كما كانت.
كانت تنظر إلي وقد فقدت القدرة على النطق والحركة.
أخذت أكلمها بهمس في أذنها وأنا ألهث:
ـ كلنا بحاجة لك.. أنا وأطفالك وزوجك فلا تتركينا!
قال الطبيب أنك ستشفين بسرعة إذا أردت، وإلا فإنهم سيشفونك بالأدوية.
هيا أنهضي معي الآن!
تكلمت معها كثيرا وأنا أمسك بيدها:
ـ هيا انهضي معي لن تتركيني وحدي.. أنا أختك الصغيرة!
سحبوني من عندها بصعوبة، ورأيت الطبيب يفحصها..
ثم يغطي وجهها إلى الأبد!
*
ماذا فعلوا بها. ماذا قالوا لها؟
لا أدري!
كثيراً ما فكرت أنها ماتت بإرادتها.. بصقت عليهم وعلى الحياة التي تقضيها بينهم، وقررت أن لا مكان لها كإنسانة ومربية، بين هؤلاء الوحوش!
إنها الاجمل... اختي الكبيرة قتلوها بصمت وبطريقة لم تستطع معها ان تخبرنا كيف؟
وكان علي ان اهرب واختفي حتى من العزاء الذي اقمناه لها!
-----
(صفحة من "كتاب القسوة" الذي الّفته عام 1991عن أستاذة جامعية روت لي تفاصيل اعتقالها وتعذيبها وما راته في اغلب سجون نساء العراق حتى وقوفها أمام محكمة الثورة)!
من صفحة الكاتب في فيسبوك
قياديون في فصائل المقاومة: ندرس تنشيط خيار «وحدة الساحات» بوجه الكيان الصهيوني
19-حزيران-2025
الصدر يدعو إلى «تظاهرة سلمية» ضد الإرهاب الصهيوني
19-حزيران-2025
العراق في ذيل الدول ضمن مؤشر الصحة العالمي
19-حزيران-2025
أردوغان يشبه نتنياهو بهتلر: نقف مع ايران
19-حزيران-2025
مراقبون دوليون لمراقبة الانتخابات العراقية
19-حزيران-2025
فقدان 300 ميغاواط بأعمال تخريب طالت أبراج في البصرة
19-حزيران-2025
تفعيل محطات رصد الإشعاع النووي في عدّة محافظات
19-حزيران-2025
قياديون في فصائل المقاومة: ندرس تنشيط خيار «وحدة الساحات» بوجه الكيان الصهيوني
19-حزيران-2025
توقفت الإجراءات بعد تصفية الخلافات بين السوداني والحلبوسي
19-حزيران-2025
بينها تفعيل الرقابة.. التجارة: خطة وطنية استراتيجية لحماية الأسواق من التقلبات الإقليمية
19-حزيران-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech