بغداد – العالم
مع بدء الحملات الانتخابية وتصاعد السجال السياسي بين القوى المتنافسة، تزداد حدة الخلافات داخل "الإطار التنسيقي" بشأن مستقبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ولا سيما مسألة منحه ولاية ثانية، ما يكشف عمق الانقسامات في البيت الشيعي وانعكاسها على المشهد السياسي العراقي بعد الانتخابات المقبلة.
وأكد النائب أحمد الشرماني أن "ما يشهده الإطار التنسيقي من تصاعد في المواقف الرافضة لمنح السوداني ولاية ثانية يمثل مؤشراً خطيراً على اتساع الفجوة داخل قواه السياسية"، مبيناً أن "الخلافات لم تعد محصورة في تفاصيل إدارية أو سياسية، بل تتعلق باتجاهات استراتيجية ومصالح متعارضة بين مكونات الإطار". وأضاف أن "هذا الانقسام سيُلقي بظلاله على مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة، وقد يفتح الباب أمام تحالفات جديدة خارج الإطار التقليدي الذي ساد في المرحلة السابقة"، لافتاً إلى أن "الإصرار على إقصاء السوداني بشكل مسبق قبل نتائج الانتخابات، يعكس رغبة بعض القوى في إعادة توزيع النفوذ والمناصب على حساب الاستقرار الحكومي".
وأشار الشرماني إلى أن "استمرار النهج التصعيدي داخل الإطار قد يؤدي إلى إرباك المشهد السياسي والنيابي بعد الانتخابات، ويؤثر سلباً على ثقة الشارع بالعملية السياسية، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وتزايد التحديات الأمنية والإقليمية"، داعياً إلى "توافق وطني واسع يعيد ترتيب أولويات الدولة ويضمن استمرار الاستقرار السياسي والاقتصادي بعيداً عن منطق تقاسم السلطة".
وفي المقابل، يحاول ائتلاف "الإعمار والتنمية" الذي يتزعمه السوداني، الترويج لنجاحات الحكومة الحالية، مؤكداً أن الانتخابات المقبلة ستكون "مفصلية في تحديد مستقبل العراق".
وقال عضو الائتلاف ضياء الزيدي في مقابلة تلفزيونية، إن "الإعمار والتنمية يرفع شعار (لا تضيعوها وانطوها للسوداني)"، مشيراً إلى أن "حكومة السوداني تختلف عن سابقاتها لأنها لم تكتفِ بالشعارات، بل شرعت بتنفيذ مشاريع خدمية واقتصادية ملموسة".
وبيّن الزيدي أن "هدف الائتلاف ليس الحكم من أجل الحكم، بل استكمال مشاريع التطور والإصلاح التي بدأت خلال العامين الماضيين"، مؤكداً أن "الأغلبية الصامتة ستصوت للسوداني بسبب التحسن النسبي في بعض القطاعات".
وأضاف أن "سيادة العراق تتمثل بعدم الارتهان لأي محور خارجي"، مشدداً على أن "سياسة الائتلاف تقوم على عراق موحد خالٍ من الانقسامات الطائفية"، موضحاً أن "السوداني نجح في ضبط إيقاع الفصائل ومنع البلاد من الانخراط في صراعات إقليمية خطيرة".
من جانبه، أكد عضو تيار الحكمة سامي الجيزاني أن "التيار لا يدعم الولاية الثانية للسوداني"، لكنه أشار إلى أن "مرحلة ما بعد الانتخابات لن تشهد انسداداً سياسياً كالذي حدث في عام 2022".
وأوضح الجيزاني أن "زعيم التيار عمار الحكيم يسعى لأن يكون مظلة جامعة للبيت العراقي، وليس طرفاً في صراع السلطة"، لافتاً إلى أن "الحديث عن شعار (لا تضيعوها) لا يتعلق بالسلطة بقدر ما يخص الحفاظ على الدولة ومكتسباتها".
كما حذر من "استخدام الذكاء الاصطناعي لنشر الإشاعات وتشويه الأمن الانتخابي"، معتبراً أن "الرسائل السلبية قد تكون من أبرز مهددات العملية الانتخابية المقبلة".
أما عضو حزب تقدم محمد أكرم الغريري، فقد أشار إلى أن "تحالفات الحزب ستكون مشروطة بتحقيق مطالب المحافظات المحررة"، مضيفاً أن "ملفات المغيبين والجرف والتوازن الحقيقي في المناصب الأمنية ستكون شروطاً أساسية لأي اتفاق حكومي مقبل".
وأوضح أن "الأمن الانتخابي في المحافظات المحررة مستقر، وهناك حماس شعبي للمشاركة"، مؤكداً أن "المرحلة المقبلة يجب ألا تقتصر على الخدمات، بل تتجه إلى مشاريع تنموية كبرى".
ومع هذا التباين في المواقف، يبدو أن المشهد الانتخابي العراقي يتجه نحو مزيد من الاستقطاب، حيث يراهن السوداني وأنصاره على منجزات حكومته لكسب دورة جديدة، فيما تعمل قوى الإطار المنافسة على رسم ملامح مرحلة ما بعده. وبين هذا وذاك، تبقى الأسئلة مفتوحة حول قدرة القوى السياسية على تجاوز الانقسام، وتقديم مشروع وطني يحقق الاستقرار ويستجيب لتطلعات العراقيين.