بغداد – وكالات
مع استقرار أسعار النفط قرب أعلى مستوى في خمسة أشهر، تطل عقوبات جديدة على صناعة الطاقة الروسية والرسوم الجمركية المحتملة من إدارة دونالد ترمب المقبلة.
وبحسب متخصصين، فإن فرض العقوبات قد يشعل أسعار النفط، إذ اقترب خام "برنت" من 81 دولاراً للبرميل بعد ارتفاعه أكثر من خمسة في المئة خلال الجلستين السابقتين، في حين اقترب خام "غرب تكساس" الوسيط من 79 دولاراً.
وفرضت الولايات المتحدة أوسع عقوبات لها حتى الآن على صناعة موسكو، مستهدفة كبار المصدرين وشركات التأمين وأكثر من 150 ناقلة نفط.
وتعتزم مجموعة من دول الاتحاد الأوروبي اتخاذ خطوات مماثلة عبر إدخال مزيد من القيود على الغاز الطبيعي وتعزيز تطبيق حد أقصى لسعر النفط.
وكانت أسعار النفط شهدت بداية قوية لهذا العام، بعدما ارتفعت 10 في المئة مع زيادة أخطار العرض في السوق التي حصلت على دعم من انخفاض المخزونات الأميركية والطقس البارد الذي أدى إلى تأجيج الطلب.
وبحسب محللين، فعلى رغم أن التأثير الكامل لحزمة العقوبات الأميركية الأخيرة لا يزال غير واضح، فإن ذلك قد يؤدي إلى إعادة توجيه التدفقات العالمية، إذ يضطر المستخدمون في جميع أنحاء آسيا، بما في ذلك المصافي في الهند والصين، إلى البحث عن إمدادات بديلة.
وتشير تقارير "بلومبيرغ " إلى أن بعض العلامات المبكرة على الاضطراب واضحة بالفعل، ومن بينها، قول أحد كبار المسؤولين الهنود للصحافيين إن السفن الخاضعة للعقوبات لن يسمح لها بالتفريغ في البلاد، أيضاً ارتفعت أسعار الناقلات، وتهدد القيود بتناقص عدد السفن القادرة على حمل النفط.
وبحسب المتخصصين، إذا استمرت هذه الإجراءات تحت إدارة ترمب، فإن هناك فرصة أكبر لتعطيل صادرات موسكو من النفط، مقارنة بأي إجراءات اتخذتها القوى الغربية حتى الآن.
ومن الناحية النظرية، يمكن أن تقلص هذه الإجراءات الفائض في السوق الذي تتوقعه وكالة الطاقة الدولية البالغ نحو مليون برميل يومياً هذا العام.
وعلى رغم تركيز البيان الصحافي على الكيانات الروسية المستهدفة، تضمنت قائمة العقوبات المحدثة بالكامل مشغلاً صينياً لمحطة نفطية.
وهذه الخطوة تظهر استعداد الولايات المتحدة لفرض عقوبات على الشركات في الدول المستهلكة التي تساعد في الالتفاف على الجهود المبذولة لتقييد تدفقات النفط الروسي.
والأهم من ذلك أنها تبرز أن التعامل مع شركات خاضعة للعقوبات قد يكون كافياً لإدراج شركة ما في قائمة العقوبات، مما قد يدفع الشركات الأخرى إلى الحذر الشديد.
واستهدف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التجار الذين يوصفون بأنهم "غامضون" والذين يشحنون ويبيعون النفط الروسي، إذ "غالباً ما يتم تسجيلهم في ولايات قضائية عالية الأخطار ويستخدمون هياكل مؤسسية مبهمة وموظفين ذوي صلات بروسيا ويخفون أنشطتهم التجارية".
وأسس عدد من هذه الشركات بعد الحرب الروسية على أوكرانيا عام 2022، واختفى كثير من اللاعبين الأوائل بالفعل لتحل محلهم كيانات جديدة بأسماء مختلفة، ولكن أصحاب العمل متداخلون، في حين أن غالبية الموظفين لا يزالون أنفسهم.
والإجراءات ضد التجار الحاليين قد تسبب اضطراباً قصير الأمد، لكن من المرجح أن يعاود كثيرون الظهور تحت أسماء مختلفة.
والسؤال المهم هو كيفية استجابة الهند التي تُعدّ مستورداً رئيساً للنفط الروسي، ومنظميها وشركاتها النفطية، إذ تغطى الشحنات المرسلة إليها تأمينياً حالياً من قبل شركة "إنغوستراخ".
وقالت الشركة في رسالة عبر البريد الإلكتروني "إزالة إنغوستراخ من السوق تخلق فراغاً ستملأه بلا شك شركات تأمين غير موثوقة"، مضيفة أنها ستبحث عن طرق للتعامل مع ما وصفته بقرار غير مبرر ومضر.
وتتطلب العقوبات من شركات خدمات النفط الأميركية التوقف عن العمل في روسيا بحلول الـ27 من فبراير (شباط) المقبل.
ومع ذلك، من غير المرجح أن يكون لهذه القيود الأوسع تأثير فوري في قدرة روسيا على استخراج النفط، إذ تقوم الشركات المحلية، بما في ذلك تلك التي كانت مملوكة سابقاً لمستثمرين أجانب، بالجزء الأكبر من خدمات النفط في البلاد.
واحتفظت هذه الشركات، خصوصاً تلك التي كانت تابعة لمزودي خدمات النفط العالميين، بالمعدات والكوادر والمعرفة الكافية للحفاظ على معدلات الحفر في روسيا.
وقد يظهر تأثير العقوبات في إنتاج النفط الروسي على المدى الطويل فحسب، خصوصاً في المشاريع الجديدة التي تتطلب تقنيات حديثة لضمان جدوى الإنتاج، ونتيجة لذلك، قد تتباطأ جهود روسيا في استكشاف احتياطات القطب الشمالي وتطوير الحقول البحرية.
سوق النفط في 2025
ويبدو أن عام 2025 سيكون بالنسبة إلى سوق النفط العالمي عاماً يتميز بفائض ضخم وأسعار تراوح ما بين الاستقرار والضعف، وفجأة بعد حزمة العقوبات الأكثر جرأة التي فرضتها الولايات المتحدة حتى الآن على صناعة الطاقة في روسيا أصبحت التوقعات أكثر تعقيداً.