سفاهة مشجعي نوادي كرة القدم الأجنبية
21-أيار-2025

علي الشرع
اشعر بالاسف على تناولي موضوع لا يليق بي مثل هذا ويضيع فيه وقتي. لكن لكون موضوع تشجيع العراقيين من مختلف الطبقات لنوادي كرة قدم اجنبية اصبح ظاهرة تشمئز منها النفس ولابد من الكتابة عنها مضطراً لعلنا نساهم في رفع الغشاوة عن عقول وقلوب وعيون المهووسين في تشجيع هذه الأندية. ويا ليت كانت هذه النوادي محلية لتفهمنا ما يجري وقلنا صناعة وطنية يشجعها المواطن. ولكن ما يحدث الان من تشجيع وتعصب لأندية اجنبية خسرت ام ربحت امر فيه سفاهة ما بعدها سفاهة، فلن يحسب فوزها ويسجل للعراق وباسم العراق، ولا تعتبر خسارتها ضياع لاموال العراق حتى يحزن الانسان اذا خسر النادي باعتبار ان التدريب والملاعب تحتاج الى نفقات كبيرة، والخسارة تعني ضياع كل الجهود والأموال من دون مقابل معنوي كالفوز. ولن يجلب فوزها لنا اية فائدة اقتصادية، ولا النوادي الأجنبية تدفع للمشجعين أموالا حتى نفهم اندفاع العراقيين على التشجيع حتى يكسبوا من هذا التشجيع دخلاً اضافياً لا ضريبة عليه. بل الاكثر سفاهة من هذا ان بعض العراقيين صاروا يسافرون ليحضروا المباريات في ملاعب تلك الأندية، وتنفق أموال لشراء لتذاكر الملعب والسفر والإقامة بالعملة الأجنبية، وبهذا سيخسر العراق من العملة الأجنبية هو بحاجة لها. واذا كان هناك متعة في المشاهدة للمباراة وتغيير مزاج الانسان بعيدا عن الانشغال بأمور تسبب الضيق والكآبة والفساد، فأن خسارة النادي الذي يشجعه الفرد سوف يقلب حياته الى حزن وكآبة وتوتر أدت الى وفاة احد المشجعين في احدى المحافظات الجنوبية بعد ان خسر ناديه الأجنبي الذي يشجعه. هل يمكن تصديق هذا؟ وهل توجد سفاهة اكبر من هذه؟ هل من المعقول ان يموت الانسان لسبب تافه لا علاقة له به لا من قريب ولا من بعيد حتى انه لا يعلم لغة لاعبي النادي ولا الدولة التي يتواجد فيها النادي نفسه، وما هو مبرر موته ليكتبوه على يافطة نعيه، هل يكتبون مات من حزنه على خسارة النادي الفلاني، وماذا عساهم ان يقولوا للناس، يا لها من مصيبة ما اعظمها؟ ويا ليت يكون النادي وفياً لهذا المسكين الذي مات كمداً فيعزي اهله لعل ذلك يفيدهم في شيء، وهو لا يفيدهم بالطبع فقد خسر انسان روحه الغالية الثمن وسمعته، ولا النادي سيفعل شيء لمثل ردود الفعل المتطرفة هذه.
لكن من هو المسؤول وراء انتشار واتساع في رقعة تشجيع الأندية الغربية والمغالاة فيه مع انه لا تربطنا بها رابطة حتى وصلت هذه العدوى الى أساتذة الجامعات بعد ان عبرت المعلمين والمدرسين في مدارس التربية وتجاوزت الجنس من الذكور الى الاناث؟ لا يوجد متهم سوى القنوات الفضائية العربية والقنوات المحلية والا فأن اغلب مشجعي العراق لا يتمكون من متابعة القنوات المتحدثة باللغات الأجنبية التي تعرض هذه المباريات، واذا ما تابعوها سوف يملوا؛ لأن التعليق يمثل جزء كبير من إضفاء المتعة على المشاهدة. فالمذيعون والقنوات المحلية العراقية هي من تدفع الناس الى هذه السفاهة. وادمانها هو بسبب تشويق هؤلاء فأينما تذهب وتجلس تسمع نقاشات حامية عن المباريات تلك، واذا قلت لاحدهم ان هذا النادي ليس عراقياً فلماذا انت مهتم به الى هذه الدرجة من التعصب والعصبية له سوف يزعل منك ويدير وجهه متذمراً، والجميع متساوون في ردة الفعل هذه جاهل وغير جاهل. والمذيع الرياضي الذي يعقد جلسة في ستوديو بث مباشر فيه ضيوف قادمين من دول مختلفة له مصلحة شخصية في شد الجمهور وزيادة اقباله حتى يزداد حظوة عند مالك القناة، ويكون له جمهور يحييه أينما يذهب فيزداد حجم راتبه الذي قد يصل الى 12 مليون دينار واكثر.
ليس فقط أصحاب المحتوى الهابط فيهم ضرر على قيمنا بل هو المنتفعون من جذب الجمهور الى السفاهات، ويأخذون الطلبة من مواقع الدراسة بحجة وجود مباراة للنادي الفلاني، وهو احد أسباب قلة اهتمام الطلبة في كل المراحل بالتعليم. ولا ريب فأن الإباء المهووسين يشاركون في هذه الجريمة بحق أبنائهم، وبسببهم صار المجتمع العراقي ينزلق مع كل سفاهة وتخريب يتسلل الى بلادنا. فصارت التسلية وحب التسلية والتشجيع على التسلية ديدن الناس وحل محل الاهتمام بالعلم والدراسة، وكل يوم تخرج لنا موجة تصيبنا وتضرب في جذورنا حتى تقتلعها، فالى جانب السفاهة في التشجيع للنوادي الأجنبية قد اقبل علينا اليوم سيل جارف من تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ستقضي على التعليم في العراق تماماً.
ان الوعي قد غاب من بيننا، واذا لم يعد للحياة فعلى العراق السلام. والوعي تشكله النخب في المجتمع ليصل الى بقية افراد المجتمع من كل المستويات. اما اذا كانت هذه النخب هي فاقدة الوعي والمسؤولية فكيف نتخلص من امواج السفاهات التي تغزونا بين الحين والأخير، ولا يوجد لدينا مصد يحمينا من اثارها الطويلة الأمد. فلا تستغرب وليست مصادفة ان تسمع اساتذة في الجامعات يتحدثون عن متابعة مباراة لنادي اجنبي، ولا حديث لهم سوى خسارة هذا النادي الأجنبي مع زفير واسف لا نظير لها؟ مثل هؤلاء يخصصون وقت كبير لمتابعة كرة تتراماها الارجل بينما يتثاقلون من تطوير لغتهم الإنجليزية حتى يتمكنوا من متابعة اخر التطورات في العلوم التي يدرسونها. فاذا كان هذا حال الأساتذة في الجامعة فكيف ستكون مخرجات التعليم يا ترى؟

الدعاية الانتخابية تتسلل الى الحرم الجامعي
31-أيار-2025
موافقة ايرانية مشروطة على فتح مواقعها النووية لمفتشين أميركيين
31-أيار-2025
إسرائيل تتابع ترميم قبر «إسحاق جاؤون» في بغداد
31-أيار-2025
مستشار حكومي: لا أزمة مالية في العراق
31-أيار-2025
60 ألف وحدة سكنية.. السوداني يطلق مدينة الصدر الجديدة
31-أيار-2025
الدعاية الانتخابية تتسلل الى الحرم الجامعي
31-أيار-2025
القضاء يجرم استخدام الذكاء الاصطناعي بنية الاحتيال والتشهير والابتزاز
31-أيار-2025
المالية تسرع الخطى نحو موازنة 2025 تشغيل محدود واستثمار على ضوء المشاريع المستمرة
31-أيار-2025
الغريري يبحث مع التجارة الفرنسية تفعيل الاتفاقيات بين بغداد وباريس
31-أيار-2025
واشنطن تعلن دعمها لعقود النفط الأمريكية مع أربيل: تنفع جميع العراقيين
31-أيار-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech