علي محمد مجيد
في مجتمع يضمّ أكثر من نصفه شباباً، يصبح الحديث عن الطاقات المعطّلة ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة وطنية تمسّ مصير بلدٍ بأكمله.
شباب العراق اليوم لا يفتقرون إلى الطموح، ولا إلى الشغف، بل يفتقرون إلى نافذة تُفتح لهم، وسقف يحمي أحلامهم من الانهيار. على امتداد السنوات الماضية، تحوّل الشباب العراقي إلى طاقة تنتظر الانفجار. ليس انفجارًا فوضويًا، بل انفجار بناء، يريد أن يقول: "نحن موجودون، نريد أن نكون جزءًا من الحل، لا مجرد أرقام عاطلة على الورق." لكن ماذا يحدث؟ برامج حكومية مؤقتة، فرص موسمية، مسابقات صورية، وتنمية بشرية مبالغ بها… بينما الأسئلة الكبرى تبقى معلّقة:
أين فرص التشغيل؟ أين بيئة الإبداع؟ أين المنصات التي تُعطي الشاب فرصة ليقود، لا فقط ليصفق؟
من الغريب أن تجد آلاف الشباب يمتلكون مواهب في التكنولوجيا، السينما، الزراعة، الرياضة، وحتى الأعمال الريادية، ومع ذلك ما يزالون يدورون في حلقات البطالة أو الهجرة أو الانسحاب الصامت من الحياة العامة.
الأنكى من ذلك أن التمكين غالبًا ما يُختزل في ورشة تدريبية أو جلسة تحفيز على الإنترنت، بينما الشباب يحتاج إلى شيء أعمق: إصلاح قوانين، فتح مؤسسات، توفير تمويل، ومراكز إنتاج معرفي وثقافي وفني.
في بلدان العالم تُبنى الدول من خلال شبابها، بينما في العراق، الشباب يُطلب منهم الصبر، أكثر مما يُطلب منهم العمل. إن إعادة الاعتبار للشباب لا يكون بالشعارات، بل بصناعة سياسات واقعية وحقيقية تُعطيهم حقّهم في القرار، لا فقط دورهم في التنفيذ.
الشاب ليس أداة يُستخدم، بل مشروع دولة إذا أُعطي فرصة، وإن لم يُعطَ، فقد يُصبح قنبلة موقوتة، الطريق ما زال مفتوحًا، لكن الوقت لا ينتظر… فمن يوقظ الطاقات النائمة قبل أن يسرقها اليأس أو المنافي؟