بغداد _ العالم
تحاول الحكومة، التي لم يتبق من عمرها سوى خمسة اشهر، ان تستعيد قدرتها على الإنفاق المالي بطريقة مريحة، لكنها قد تكون أسوأ ١٥٠ يوما تمر بها كابينة السوداني، اذا ما جنحت روسيا واوكرانيا للسلام، وتوصلت أمريكا وإيران إلى اتفاق جديد حول الملف النووي.
يقول مراقبون أن تسوية هذين الملفين يقود إلى انخفاض حاد في أسعار النفط، وهذا ما لا تنتظره الحكومة العراقية التي لجأت، مؤخرا، إلى سحب أموال الأمانات الضريبية، والى طرح سندات مالية داخلية، والتوجّه لأول مرة نحو بيع قطع أراضٍ في المنطقة الخضراء، من أجل تغطية "الموازنة التشغيلية التي تشمل الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية والدعم، الى جانب تمويل أكثر من 8 آلاف مشروع استثماري وخدمي حكومي متوقف"، بحسب المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح.
وعد صالح، هذه التدابير "حقا للموازنة".
وربط المستشار المالي لرئيس الوزراء، الأزمة المالية التي تضيق بعمل الحكومة بـ"مرحلة ما قبل الانكماش التي يعيشها العالم"، مشيرا الى ان هناك حالة مراقبة لمستويات النمو والبطالة في الاقتصاد العالمي.
وقال صالح ان مجموعة (أوبك+) ذهبت باتجاه اعتماد"سياسة حذرة لمساعدة اعضائها من الدول في حماية موازناتها المالية للعام 2025".
ومن المقرر أن يصدر العراق 3.2 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام خلال شهري أيار وحزيران، في خطوة تمثل انخفاضًا ملحوظًا عن مستويات الصادرات السابقة، التي بلغت 3.42 ملايين برميل يوميًا وفق بيانات وزارة النفط العراقية.
يقول رئيس اللجنة المالية البرلمانية النائب عطوان العطواني، أن "التقلبات المستمرة في أسعار النفط تؤثر في الموازنة العامة للدولة، تحتم على الحكومة أن تبحث عن مصادر بديلة ومستدامة للإيرادات".
وطالما ظل الوضع المالي للبلاد هشاً نتيجة لاعتماد الاقتصاد الوطني، لعقود خلت، على إيرادات النفط.
ويؤشر الخبير الاقتصادي والاكاديمي نبيل المرسومي، ارتفاعا كبيرا في مستوى الإنفاق الحكومي، بينما هناك حالة عسر مالي يمر بها العراق.
يقول المرسومي ان الإنفاق الفعلي في عام ٢٠٢٤ وصل الى ١٥٦ تريليون دينار (قرابة ١٢٠ مليار دولار)، بعجز حقيقي بلغ ١٩ تريليون دينار. ويحتاج العراق شهريا إلى قرابة ١٣ تريليون دينار، لتغطية النفقات التشغيلية، بينما ايراداته المالية من النفط لا تزيد على ١٠ تريليون دينار شهريا. ولتغطية تلك النفقات طرحت الحكومة سندات خزينة مالية ولجأت الى الاقتراض الخارجي والداخلي والاستفادة من خصوم الحوالات لدى البنك المركزي العراقي. لكن المرسومي يتوقع وضعا أكثر ارهاقا للحكومة في النصف الثاني من العام الحالي: اضطرت الحكومة إلى سحب أموال الأمانات الضريبية والاقتراض من مصرفي الرافدين والرشيد، وارتفع الدين الداخلي من ٧٠ إلى ٨٣ تريليون دينار، كما طرحت الحكومة سندات مالية بقيمة تزيد على ٧ تريليون دينار، بينما انخفض سعر برميل النفط إلى الستينات. وهذا يعني انخفاض العائد النفطي إلى ٧ تريليون دينار، بينما هي تحتاج إلى ٧ ونصف التريليون دينار لسد تلك رواتب الموظفين والرعاية الاجتماعية والمتقاعدين. يشار إلى أن هناك سبعة ملايين و٣٥٠ الف موظف ومتقاعد، ومليونان و١٢٥ الف يتسلمون اعانات اجتماعية من الحكومة العراقية، وهذا ما يشكل عبئا ثقيلا على الموازنة العامة.
ينبه الخبير الاقتصادي إلى أن مأزقا كبيرا ينتظر الحكومة العراقية، في ظل تراجع أسعار النفط، واحتمالية توقف الحرب بين روسيا واوكرانيا، وإذا ما توصلت ايران وأمريكا إلى اتفاق حول الملف النووي، إلى جانب تعطيل عملية تصدير النفط العراقي عبر خط جيهان التركي، فإن كل ذلك يضع العراقيين أمام خيارات صعبة، ربما تضطرهم للتعايش معها.