مُقاطعة الصدر وقلق المشاركة عند الإطار .. لعبة القضبان
17-كانون الأول-2023

حيدر الجوراني
مع دخول عملية انتخابات مجالس المحافظات الوقت المقرر لإجرائها، ما يؤسف له، هو أن تطور الوعي السياسي والانتخابي ينمو ببطء.
فبعد أن أدخلت (إحتجاجات تشرين) مفهوم المقاطعة للإنتخابات (Boycotting) كمفهوم نظري وتطبيقي إلى العملية السياسية، وبالرغم من مؤشرات سوء فهم هذا الحق الديمقراطي راح حينها الكثير إلى تخوين المقاطعين آنذاك، لكن بعد ذلك - وهو ما يحسب مؤشراً إيجابياً- بدأت القناعات تتوافر على أن أصل المقاطعة حق ديمقراطي للفرد والجماعة كما هو حق المشاركة، مع فارق سلبي في الوعي السياسي العام، وهو أن دعاة المشاركة يوظفون المقاطعة ضمن دعاياتهم الإنتخابية بدلاً من طرح برامج إنتخابية.
يضرب البعض أمثلة على التبعات المترتبة في المقاطعة ويذهب إلى ما يسمى (مقاطعة السُنة)، وهنا ينبغي الفصل بين التجربة السُنية والتجربة التشرينية؛ إذ بعد عام 2003، لم يكن السنة مهيئين إلى العمل السياسي بإستثناء "الحزب الإسلامي"، وهنا من المهم الإشار إلى أن السنة لم يكونوا على قناعة في النظام السياسي بعد عام 2003 بالأساس، ذلك نتيجة الصدمة المفاجئة للاحتلال والانتقال إلى نظام سياسي جديد.
بمعنى أن موقف السنة كان هو (عُزوف وليس مقاطعة) لأنهم أصلاً كانوا في مراحل لم تكن قناعاتهم متوافرة، وخير دليل هو انقسام الرأي آنذاك حول التصويت على الدستور العراقي نتيجة صراع بين "الحزب الإسلامي" الداعي إلى التصويت وقبول الدستور، و"هيئة علماء المسلمين" الرافضة له، والتي رفضت آنذاك العملية السياسية بوصفها نتاجا لمحتل.
إذن من غير الحكمة السياسية في الخطاب أن يتم التعامل مع هذه التجربة على أنها مقاطعة، لأن المقاطعة تستوجب قبولا بالنظام السياسي والمشاركة فيه كمقاطعة من أجل التأثير في عملية التغيير من واقع فاسد غير مستقر يفتقد للآمن، وعمليا هذا ما حدث مع التشرينيين، تلك التجربة التي رسخت أمرين مهمين؛ الأول أن فكرة التغيير من الخارج بفعل القوة أمرُ مستبعد، والثاني هو نتائج الأمر الأول، أي أن التشرينيين وجدوا أنفسهم بلا مفر من القبول بهذا النظام السياسي، ذلك لأن أصحاب المصلحة السياسية في الخارج والداخل، لا يرغبون في تغييره مهما ثَبت حجم الفساد والإجرام فيه.
على هذا الأساس، بلور التشرينيون المقاطعة كمشاركة سياسية غايتها التأثير في الشرعية السياسية للطبقة السياسية، وكان "الخطأ التشريني القاتل" عدم تحديد الهدف والمصلحة لما بعد المقاطعة، ولعل مبررهم هنا -رُبما- كانوا في مرحلة التنظيم السياسي مع نقص الخبرة وعجالة المشاريع، التي دفع في تعجيلها الجميع بما فيهم فواعل المجتمع الدولي العاملة في العراق.
بالتالي ومع نجاح مقاطعة التشرينيين، لكنها سرعان ما تلاشت نتيجة غياب ما ورائها، وللإنصاف، إستثمر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، ذلك الدرس.
وقبل أن أخوض في مشروع المقاطعة كمشروع صدري يوازي بقايا مشاريع المقاطعة التشرينية وقوى وطنية أخرى؛ تشير دراسات حديثة حول تبعات المقاطعة، وأكاد أوصفها كما الطلاق أبغض الحلال!
لذلك إن المقاطعة المجردة من الخطوات العملية لما بعدها، قد تؤثر بالشرعية السياسية، لكن هذا لا يعني أنها ستحقق أهدافها المرجوة مستقبلا، لذا السؤال: ترى هل يخفي الصدر خطواته القادمة لما بعد المقاطعة؟ خاصة وأن خيارت المقاطعة والمشاركة تكاد تكون أحلاها مّر، وهنا لابد من جدوى التفكير لما بعد المقاطعة.
ما غاب عن التشرينيين وأخفق مشروع مقاطعتهم به، هو ليس عدم وحدة الصف إزاء المقاطعة أو المشاركة، ولكن غياب الخطوات التالية، ولربما هذا لن يغيب عن التيار الصدري والقوى الوطنية المقاطعة حاليا، لكن مع ذلك يبقى السؤال إذا ما توفرت القناعات بهذا الطرح عما يجب أن تكون خطوة ما بعد المقاطعة؟
باختصار، ومع تعذر ذكر التجارب هنا لضيق المساحة، فإن الحتمية الضرورية لأي مشروع مقاطع في العملية السياسية، يجب أن تتبعها دعوة إلى إصلاحات دستورية وذلك لسببين مهمين؛ الأول تقليل إحتمالية تسييس القضاء، و الثاني لضمان الانتقال من مرحلة المقاطعة إلى المشاركة دون الخشية من تسييس النتائج أو تزويرها.
وسط هذا المشهد، يبرز سؤال آخر حول إذا ما سيلجأ الصدر ومعه القوى الوطنية المقاطعة لانتخابات المحافظات الحالية لخيار المقاطعة المنظمة؟ أم أنه (الصدر) ومن معه مقاطعا سيلعبون مع تحالف "الإطار التنسيقي" لعبة مطابقة القضبان والمعروفة اصطلاحا (Matching pennies)، التي تمثل الأساس لنظرية اللعبة (Game theory).
عدا ذلك، ستبقى المقاطعة سلوكا سياسيا ديمقراطيا محدود الصلاحية ومنقوصا لخطوة الإصلاحات الدستورية، مع النظر إلى الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي لم تفض إلى شيء سوى هيمنة قوى السلاح و الفساد وإعادة تكريس المحاصصة، وها نحن نشهد تجربة جديدة مع المقاطعة لإنتخابات مجالس المحافظات، ما يستدعي التفكير بالخطوات التي تليها، خصوصا مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك انتخابات تشريعية مقبلة يدو أن الترتيب يجري لها على عجالة؟
هامش/ هذه الفكرة هي مبادرة مطروحة لغرض التطوير وحملها كمشروع تشترك فيه قوى المقاطعة بالرغم من اختلافاتها البينية.

الأمن الوطني يعلن تفكيك إحدى أخطر شبكات تجارة المخدرات والتهريب
18-أيار-2024
مكتب السوداني: جسر "غزة" من أهم المشاريع لتنظم حركة النقل بين بغداد والمحافظات القريبة
18-أيار-2024
محافظة بغداد: خطة لتنفيذ 40 مشروعاً بأطراف العاصمة
18-أيار-2024
العراق وتركيا يبحثان تطوير البرامج الدراسية المتبادلة بين البلدين
18-أيار-2024
الصحة تحيل إدارة المستشفيات الحديثة من قبل الشركات المتخصصة
18-أيار-2024
بموافقة العراق.. تركيا تحضّر لهجوم بري واسع والهدف السليمانية
18-أيار-2024
البرلمان يفشل في اختيار الرئيس.. الكتل تبحث تأجيل جلسة التصويت
18-أيار-2024
أبو ذر الغفاري.. السهم الاشتراكي
18-أيار-2024
مانشستر سيتي يسعى لكتابة التاريخ بلقب رابع تواليا في البريميرليغ
18-أيار-2024
فوزي كريم.. الهادئُ الذي مرّ بنا فشذّبنا
18-أيار-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech