رسل عباس
في احد زوايا قسم النحت جَلَسَ تمثال متهالك يغطيه قماش متهالك هو الآخر، يبدو كقطعة خردة، لكن بين كل تلك الاغراض التي استغنوا عنها هو الوحيد يحمل املاً ربما يلحظه شخص ما ربما حتى يُعرَض في احد الواجهات "أليس هذا هو الغرض مني؟" هذا كل ما شغل بال التمثال. المعنى خلف وجوده، وهو مؤمن اشد الايمان ان هذا المعنى يتمثل بأن يراه الناس ويتأملوا تفاصيل طينه الممزوج بحب.
غرق في أفكاره، تساؤلاته، والظلام، حتى تصدع جسده الذي يستمد منه امله وهدف وجوده؛ حيث تكدست بعض المهملات، ثنايا القماش انسدلت غير مظهرة من جمال تفاصيله شيء، سقط القماش عند قدميه فمد كفه المرتعش ليسحبه اليه مرة أخرى، ويلف نفسه فيه بحثاً عن الدفء، ثم رفع قدميه عن الارض ضمهما اليه، يجلس محتضناً اطرافه لكنه استمر بالارتجاف.
يتساقط الطين من عيناه وهو يفتحهما وينظر للسماء متأملاً الحياة، ثم ما ان ينظر للاسفل ليرى يداه متصدعتين تبدو عليهما قسوة الوقت ويصيبه الهلع من مظهره الذي كان يوماً مثالياً، ثم من شدة صدمته يفتح فمه مرتعشا، فينهض من مكانه بثقل وصعوبة. قدماه الحافيتان في رواق القسم تتجول بين القاعات، يمشي متعثرا ويتناثر التراب عن جسده تتحرك عيناه بتوتر، بينما تراقبه بقية التماثيل واللوحات المعروضة. يقتحم احدى القاعات ويرمي جسده المتهالك على احد الكراسي المقابلة لأحد الطاولات ويلتقط بيديه الضعيفتين بقايا طين، فيبدأ بدهنها على ذراعيه محاولاً ترميمها، تبرق عيناه ويتجدد الامل في نفسه سيكون مثاليا مجددا، ربما يتم انتشاله من الغبار بعد ان يرمم جسده ربما يتم عرضه... يقاطع ذلك ظهور يد حجرية تحمل مطرقة ضخمة تلوح بها خلف رأسه فتخترقه ويتناثر الحطام.
النهاية..