بغداد ـ العالم
بعد مطالبة الأمين العام لحركة (عصائب أهل الحق) قيس الخزعلي بفتح تحقيق في قضية "اللواء 59" في نينوى، التابع لهيئة الحشد الشعبي، أخذ الخلاف السياسي يتصاعد بين هذه الحركة وبين فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، وقد برز الخلاف إلى الواجهة، بشكل مباشر، عبر تبادل الاتهامات بين الطرفين.
وتسعى قوى شيعية داخل الإطار التنسيقي لرفع الشلل عن مجلس النواب، من أجل استئناف الجلسات وتشريع قانون الخدمة والتقاعد الخاص بالحشد الشعبي.
ويواجه الفياض (69 عاماً) اتهاما بالاستغلال الانتخابي لهيئة الحشد التي تأسست بشكل رسمي عام 2016، والتي تضم قرابة 70 فصيلا مسلحا، لصالح كتلته البرلمانية (عطاء).
وبرغم توزيعهم وفقاً لنظام الألوية العسكرية، إلا أن في واقع الحال، يحافظ كل فصيل على اسمه وعناصره وارتباطاته السياسية والعقائدية، وتقاسم مناطق النفوذ والوجود في المحافظات التي ينتشر بها.
ويقدر عدد منتسبي الحشد بأكثر من 200 ألف منتسب، بعد أن كانوا حتى العام 2021 قرابة 140 ألف مقاتل، لكن إضافة تشكيلات جديدة وعودة "المفسوخة عقودهم"، ضاعفت الأعداد. وتبلغ موازنة الحشد قرابة 4 تريليونات دينار (نحو مليارين ونصف المليار دولار).
ويلخّص رافد العطواني، المقرب من التيار الصدري، هذا الصراع بأنه يحمل "أبعادا سياسية"، مشيرا إلى ان القيادات المتصارعة تريد "تحرص على استثمار أصوات المقاتلين".
ويقول العطواني، ان الفياض يواصل استغلال منصبه انتخابيا من خلال توفير "حماية حشدية" للكثير من الزعامات السياسية.
وكان الخزعلي قال في 31 آذار/ مارس: أن "هناك ميليشيات تضم آلاف المقاتلين من محافظتي نينوى وكركوك، الذين تم تدريبهم، وتمويلهم، وقيادتهم بشكل كامل من قبل تركيا... تعرف هذه القوات رسميًا بـ(قوات حرس نينوى) و(قوات درع كركوك) الذين تم دمج جزء منهم في الحشد الشعبي. أطالب بفتح تحقيق في هذه القضية".
وعلى أثر ذلك، شنت حركة العصائب حملة ضد الفياض تتهمه بخدمة مصالح أمريكية وتركية. لكن هيئة الحشد الشعبي، ردّت على تلك الاتهامات بأنها "باطلة ومجافية للحقيقة".
وبعد تلك الخطبة، خاض الطرفان جولة ثانية من الصراع على رئاسة الهيئة، مع طرح "مشروع قانون الخدمة والتقاعد" الخاص بالحشد الشعبي، والذي يدفع الخزعلي ويحالفه المالكي إلى محاولة تمريره عبر البرلمان (شبه المعطل)، بينما يقف ضده رئيس الحكومة محمد شياع السوداني وفالح الفياض، اللذين يجمعها تحالف انتخابي واحد، ليتحول الخلاف إلى مواجهة أكثر حدة، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. وتريد العصائب إقالة الفياض من منصبه، لكن السوداني الذي سحب في وقت لاحق مشروع قانون الحشد من البرلمان، ومعه عمار الحكيم وحيدر العبادي وهادي العامري، عملوا على صدّ جميع تلك المحاولات. وبطبيعة الحال فان هذه الخلافات أثرت وستؤثر على طبيعة التحالفات الانتخابية.
واعتبر الخزعلي سحب القانون "خطأ جسيم، وتقف وراءه حسابات سياسية وانتخابية وشخصية"، فيما حذر من "صيف ساخن".
وألمح إلى أن هناك جهاتٍ سياسية تحمي الفياض، وتعمل على الإبقاء عليه لغاية ما بعد الانتخابات.
بينما ينبّه العطواني الى ان الصراع الانتخابي في ما بين قوى الاطار التنسيقي زحف الى المناطق السنية: "العصائب تحالفت مع عشائر التكارتة (التي ينتمي اليها الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين) في محافظة صلاح الدين، بينما ذهب الفياض الى التحالف مع عشائر سنية في شمال العراق (نينوى)".
وتعود جذور المشكلة بين الفياض والعصائب إلى انتخابات مجالس المحافظات في العام 2023، حيث نجح رئيس الحشد في اجراء تفاهمات مع قوى سنية في محافظة صلاح الدين، ما قلّص من مناصب مجموعة الخزعلي هناك، الامر الذي يحاول الأخير ترميمه في الاقتراع العام المنتظر. وحذر النائب عن محافظة نينوى طالب المعماري من استغلال "الحشود العشائرية في المناطق السنية" لمصلحة مرشحي القوى السياسية الداعمة لتلك الحشود.
وزعم المعماري أن "كل قادة الحشود طالبوا مقاتليهم بجلب 10 بطاقات انتخابية، دعما لمرشحيهم".
وأكد النائب السابق أحمد مدلول الجربا، ما ذهب اليه المعماري، قائلا: ان هناك "استغلالا كبيرا لملف الحشد العشائري". ويجد العطواني أن الصراع الشيعي السياسي الراهن، يشكل تهديدا على الأمن القومي للبلاد، كونه يهدّد قوة المؤسسة العسكرية.