تيك توك
13-آب-2022
جواد كاظم الدايني
لا يختلف اثنان على ان حجم التفاهة التي تقدم لنا في مواقع التواصل الإجتماعي، والكثير من التطبيقات "الترفيهية" كبير جدا، من دون ان نلتفت الى إننا نعمل على ادامة ونشر تلك التفاهة، حين نموضع انفسنا فيها كتروس صغيرة، تساعد في ادارة عجلة نظامها ومؤسساتها، دون قصد، ربما.
يعتاش ذلك النظام على خواء عقولنا، واهدارنا للوقت ولقيمته، حتى مع تبرير تفاعلنا معه بالتسلية، لان ما يقدم لنا ليس له علاقة بذلك، وانما هو استخفاف بعقولنا، واستغلال لحاجاتنا، وغرائزنا، في تسويق السلع الرأسمالية.
نظام، يحاول ان يبقينا، اطول فترة ممكنة مشغولين على شبكة الإنترنت التي ندفع لها مقابل خدمات التواصل. تحصل التفاهة بالمقابل على تمويلها، بحسب ما تحققه من مشاهدات وتفاعلات معها، كما تحصل مؤسساتها التي توفر لنا تلك التفاهة على مليارات الدولارات، فهو ـ كما ترون ـ نظام رخيص، يفتقر للقيم الاخلاقية والجمالية والذوق الرفيع.
مؤشر نجاح هذا النظام، هو بالتالي مؤشر لوعي وفهم الأغلبية من المجتمعات التي تتحرك في فضاء نظام التفاهة ذاك، ثقافتها وفكرها وطرق تفكيرها. تجتذب التفاهة والسطحية واللامعقول، دائما، اكبر تفاعل معها بغض النظر عن سلبية او ايجابية ذلك التفاعل، لان المطلوب هو هذا، ان نكون فاعلين ومحركين لانتشار المواد التافهة التي يروج لها في اسواق الميديا. بينما تفتقر المواد التي تحاول ان تقدم الأفكار الرصينة والاصالة الثقافية والعلمية، للتفاعل والتواصل، وهو ما يعكس حجم قدرتنا على مواجهة المزيف والمظلل منها، أو قدرتنا على تمييز الضار والنافع.
حقيقة الامر يمكن تشبيه ما يجري بعرض السيرك تماما، ندخل لنشاهد القرقوزات والقرود وهي تتراقص على ظهور الفيلة، كما يتراقص البهلوانيون، ثم نخرج منه، دون ان يضيف ذلك شيئا ذا قيمة، سوى الانبهار الفارغ. ما يقدم، في احيان كثيرة، يهين قيمنا وذوقنا ولا يحترم وجودنا، حين يتم التعامل على اننا مستهلكون مرضى، عديمو الإرادة. هناك دوافع كثيرة لطبيعة ما تقدمه لنا الميديا عموما، وهي تتراوح بين الاستغلال، والتضليل، أو التحريض والتحشيد، وتنساق الاغلبية وراء ذلك بسهولة، بما تمتلكه من الاستعداد لتقبل كل ما يوافق تصوراتها وعقائدها ومواقفها الاصولية، حتى إن اسخف وأجهل ما يتم طرحه، تجد له من المؤيدين مثلما تجد له من المعارضين، ولا احد يهتم للتحقق من مصداقية و معقولية تلك الطروحات.
من يدير تلك الطروحات، يكون له اولا، دور تنظيمي في كرنفالات التجهيل والتزييف، وثانيا، يملك دراية جيدة بالمجتمع ودرجة وعيه وتردي منطقه. وفي الغالب تكون الطروحات مدعومة لخدمة مصالح سياسية واجتماعية وفئوية الغاية منها، تسقيط الخصوم، وكسب المناصرين، والترويج للأفكار الرجعية. اما اسوأ ما يمكن ملاحظته، فهي المواقع التي تفبرك الأكاذيب، وتلفق الاخبار التي تتهافت عليها التفاعلات بشكل سيئ تنم عن سذاجة مقرفة، للطريقة التي ينتظم فيها المتفاعلون خلالها، كما ينتظم قطيع الخراف. نتفاعل بطرق مختلفة مع مواد الميديا، ولا تُخرج اغلبيتنا من توصيف العته والغباء، او المفاهيم القريبة منها كالهبل والبله والبلادة. غالبا ما يحلو لنا وصف تلك الاغلبية بالجهل والتخلف في مقابل التعلم والفهم، او من كان نصيبه في هذا الدنيا بالتعليم والرفاهية افضل من غيره، لكن ذلك لا يوفر ممانعة للمتعلم والمترفه ذاك ضد الغباء.
على العموم تجعل منا الميديا اغبياء بطرق وكيفيات مختلفة، بغض النظر احيانا عن طبيعة المادة المقدمة وبغض النظر عن المستوي التعليمي والاكاديمي للفاعلين، وينفرد الإيمان والاعتقاد والميول السياسية والايديولوحيا بجعلنا اغبياء بما يكفي لنكون اضحوكة امام العلم بتجاربه واثباتاته، وامام واقعية العقل، وضميرنا الانساني الذي نتفرد به عن باقي الحيوانات.
يؤثر الغباء في حقل الاحاسيس تبعنا، وبعبارة الفيلسوف "فوگو" هو الخلل في ادوات ادراكنا وبالتالي فهمنا، فالغباء "هو شلل ونوم لكل وظائف الإدراك والانفعالات الاخلاقية". وهذا يعني اننا تحت تأثيره تنعدم لدينا كل قيمة لحواس السمع والبصر وتتعطل مهارات العقل المنطقية. فبرغم وجود الحواس الا ان الصور التي تشكلها لا تخضع لاي معالجة دماغية او عقلية مفضلين البقاء في حالة من الهيام، على تحمل ثقل وقسوة الحقائق التي نتجنب مواجهتها دائما.
الأمن الوطني يعلن تفكيك إحدى أخطر شبكات تجارة المخدرات والتهريب
18-أيار-2024
مكتب السوداني: جسر "غزة" من أهم المشاريع لتنظم حركة النقل بين بغداد والمحافظات القريبة
18-أيار-2024
محافظة بغداد: خطة لتنفيذ 40 مشروعاً بأطراف العاصمة
18-أيار-2024
العراق وتركيا يبحثان تطوير البرامج الدراسية المتبادلة بين البلدين
18-أيار-2024
الصحة تحيل إدارة المستشفيات الحديثة من قبل الشركات المتخصصة
18-أيار-2024
بموافقة العراق.. تركيا تحضّر لهجوم بري واسع والهدف السليمانية
18-أيار-2024
البرلمان يفشل في اختيار الرئيس.. الكتل تبحث تأجيل جلسة التصويت
18-أيار-2024
أبو ذر الغفاري.. السهم الاشتراكي
18-أيار-2024
مانشستر سيتي يسعى لكتابة التاريخ بلقب رابع تواليا في البريميرليغ
18-أيار-2024
فوزي كريم.. الهادئُ الذي مرّ بنا فشذّبنا
18-أيار-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech