الانتحار خيانة للأمانة
31-تموز-2022
سمير النشمي
قد يبدو عنوان هذا الموضوع غريبا بعض الشيء على البعض ممن يتابع قضايا الانتحار ، مع أنّ أسباب الانتحار غدت معروفة لدى معظم الناس وخاصة علماء النفس وعلماء النفس ويعطونه أسبابا عديدة لا أريد الخوض فيها ولكن بالمجمل فإنّ كل هذه الأسباب تنحصر في حالة اليأس الشديد من عدم تحقيق ما كان يريده المنتحر ..
لذلك فأنّ أية حالة انتحار ومهما كان سببها نجد كل الصحافة وكل وسائل الاعلام يتسابقون من أجل تحقيق السبق الصحفي أو الاعلامي فالكثير من الصحف وكذلك الفضائيات خاصة يدخلون في معمعة التحليل الخبري وبيان الاسباب المؤدية للإنتحار طبعا ويتم هذا سب رؤية المحللين وصانعي الأخبار أو من خلال مشافهة المقربين من المنتحر كأن يكونوا أهله أو أصدقائه أو جيرانه ، فإستنادا إلى هؤلاء تتبين أسباب الانتحار ، وقد تكون أراء هؤلاء غير صحيحة بالمرّة أو غير دقيقة ..
ومع ذلك لا يمكن عدّ الانتحار ظاهرة ، لأن الظاهرة تعني شيوعها بين أعداد من الناس تكون ملفتة للنظر ، إذن الانتحار حالات فردية ولايمكن احتسابها كظاهرة ، ولو سألنا هل هذا الانتحار حالة جديدة في المجتمعات ، أو قديمة قدم التأريخ .؟ فعلى الرغم من قلة المصادر التي تتحدث عن الانتحار والمنتحرين قديما ، ولكننا يمكن أنْ نتلمس جانباً من مصاديقها في الجيوش المتحاربة ، فبعض قادة الجيوش فيها قد انتحروا بسبب الإنكسارات العسكرية ، فيبادرون إلى الإنتحار تخلصاً من عار الهزيمة ، ولغاية الخمسينات من القرن الماضي لمْ تأخذ هذه الحالة من الصدى الاعلامي والصحفي ما أخذته هذه الأيام ، والسبب في ذلك كثرة وسائل الإعلام ، والكل يبحث عن الخبر المثير للترويج لقناته أو صحيفته ، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دوراً بارزا في هذا الاتجاه ..
أمّا الأسباب فالبعض يقول اجتماعي، وآخرون يقولون اقتصادي ، وطرف ثالث يقول نفسي ، إلى غير ذلك من الآراء ، وأيّاً كان السبب فإنّ حالة الانتحار واقعة فعلاً في الكثير من المجتمعات ، والسبب الرئيس لحدوث الانتحار هو شخص المنتحر ذاته بسبب خيلائه وجهله في ذات الوقت ، فلو عرف هذا المنتحر أنه باقدامه على الانتحار لن يحلَ المشكلة ، بل يزيدها تعقيدا ولهيباً للغموض الذي يحيط به نفسه ، وانتحاره هذا سيساعد الكثير من اليائسين أتخاذ نفس الخطوة لإنهاء حياتهم ..
ولو عدنا إلى العنوان ( الإنتحار خيانة للأمانة ) لوجدنا أنّ المنتحر يرتكب جرمين في آن واحد ، الأول هو أنه ينهي حياته بهذه الطريقة البشعة والتي لا يستحق عليها الثناء أبداً ، بل ولا يستحق التعزية والترحم لأنه تصرف فيما لا يملك ، والأمر الثاني هو الخيانة في عدم المحافظة على الأمانة التي إأتمنه عليها الله تبارك وتعالى ، وهي النفس ، فنفس كل إنسان من بني آدم ليست ملكاً له حتى يتصرف بها كيفما شاء ، بل هي أمانة أودعها الله تعالى عنده لفترة محددة من عمره ، فعليه المحافظة عليها ، وقد وصفها الله تعالى بقوله ( ونفسٍ وما سواها فألهما فجورها وتقواها ) إذن من أجل أنْ تبقى على التقوى عليه أنْ يجنبها كلّ ما يسيء إليها ، وحتى تبقى هذه النفس ناصعة البياض من كل دنس يلوثها ، فعليه أنْ لا يعرّضها إلى أمور فوق طاقتها ، ولو سألنا كيف نقضي على حالة الانتحار ، فمن أولى الأمور التي علينا تحقيقها ، هو أن نحافظ على التقوى المغروسة فيها ، فالفجور والتقوى هما الميزان الذي على الانسان أنْ يتحكم به ، ومن أجل أن تبقى كفة التقوى هي الراجحة ، فهذا يعني أنّ الملتزمين بالطاعة لأوامر لله تعالى لن ينتحروا أبداً ، ولو أصابتهم المصائب والمشاكل فهم سيتخذون من الصبر وسيلة يلجئون إليها حتى تنكشف عنهم هذه المصائب والمشاكل لإيمانهم بأن الصبر هو أمر آخر ، فالله تعالى يقول ( إنّ الله مع الصابرين ) وليس ضدهم ، فالمنتحرون ليسوا مؤمنين تمام الإيمان ، ويجهلون أوامر الله ، ومتمسكون بالدنيا وزخارفها ، ويغلب عليهم الهوى واتباع النفس وشهواتها .. ولذلك هم بهذا الانتحار يكونون قد خانوا الأمانة باصرار ، وعمدوا إلى التصرف بها بما لم يسمح به مالك ( الأمانة ) وهي النفس ، والنفس يشبها أحد الشعراء بالطفل أي بإمكاننا أن نربيها بالطريقة التي نريدها ، يقول الشاعر ..
والنفس كالطفل إنْ تتركه يشبُّ ** على حب الرضاع وإنْ تفطمه بنفطمِ
والمنتحر لا يعدّ من أهل العقل ، ولا يعدُّ من أهل الصبر ، بل لا يعدُّ من أهل الإيمان وهو فوق ذلك قد أجرم بحق الحياة التي منحها له خالقه ، وأحدث الفوضى في حياة المجتمع وأصبح مثالا يقتدي به من هم على شاكلته لذا وجب الرجوع إلى خالق الحياة والمانح للنفس لهذا الإنسان ، كي يعيش فيها ، ومن خلالها المدة المحددة له في هذه الحياة ..!
الأمن الوطني يعلن تفكيك إحدى أخطر شبكات تجارة المخدرات والتهريب
18-أيار-2024
مكتب السوداني: جسر "غزة" من أهم المشاريع لتنظم حركة النقل بين بغداد والمحافظات القريبة
18-أيار-2024
محافظة بغداد: خطة لتنفيذ 40 مشروعاً بأطراف العاصمة
18-أيار-2024
العراق وتركيا يبحثان تطوير البرامج الدراسية المتبادلة بين البلدين
18-أيار-2024
الصحة تحيل إدارة المستشفيات الحديثة من قبل الشركات المتخصصة
18-أيار-2024
بموافقة العراق.. تركيا تحضّر لهجوم بري واسع والهدف السليمانية
18-أيار-2024
البرلمان يفشل في اختيار الرئيس.. الكتل تبحث تأجيل جلسة التصويت
18-أيار-2024
أبو ذر الغفاري.. السهم الاشتراكي
18-أيار-2024
مانشستر سيتي يسعى لكتابة التاريخ بلقب رابع تواليا في البريميرليغ
18-أيار-2024
فوزي كريم.. الهادئُ الذي مرّ بنا فشذّبنا
18-أيار-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech