يا لها من محنة!
5-تموز-2023
عامر بدر حسون

قبل سنوات كان يزورني في مكتب مجلتي بدمشق صديق سوري بوظيفة مرموقة، وكانت الاحاديث تأخذنا الى اماكن حساسة في السياسة والأخلاق..
فهو كان يتعرض لضغوط ومغريات كي يصبح فاسدا.. وكلما ساء وضعه المالي كان يريد مني ان افتيه اخلاقيا وثقافيا كي ينحرف دون ان يتلوث!
وكنت اختم حديثي معه:
ما زلت شابا يا صاحبي ولا يجوز ان تبدأ حياتك فاسدا..
اصبر قليلا وقاوم حتى لا تصبح فاسدا من اول عمرك ولا تستطيع اصلاح نفسك لبقية العمر فالفساد فلسفة يمكن ان تتحول الى عقيدة تباهي بها وضميرك مرتاح!
ومرت الأيام والسنوات وصاحبي لم يفسد، لكن وضعه المالي لم يتحسن ايضا!
وذات حديث دار بيننا قبل عودتي للعراق سألني (وهو في الحقيقة يسال نفسه بصوت عال) عما اذا كان سوء وضعه هذه المرة يسمح له بالانحراف..
ودون ان ادري قلت له:
لم يبق في العمر بقية وحرام ان تخرب حياتك النظيفة وانت قريب من نهايتها.. فانت حتى عندما كنت شابا رفضت الانحراف والفساد!
وكانه امسكني بالجرم المشهود:
ماذا فعلت بي؟ سابقا كنت تقول لي انت في عز شبابك ولا يجوز ان تخرب حياتك والان تقول لي ان عمري صار لا يسمح لي بالفساد!
هل كنت تنفذ خطة عليّ وانا لا اعرف؟!
وشرحت له كما اشرح الان ان ليس هنالك خطة، وكل ما في الامر انه في الاصل لم يكن فاسدا.. وانه طيلة السنوات الماضية التي كان يطلب فيها اذني بالفساد انما كان يطلب الاذن من نفسه.
وما انا، في النهاية، الا واجهة او مكبر صوت لما يدور في داخله!
واتذكر في السبعينات ان بعض الشيوعيين واصدقائهم كانوا، وعندما تزداد ضغوط البعث واجهزة الامن عليهم، يأتون لنا، نحن رفاقهم، ويشرحون لنا الضغوط الرهيبة التي كانوا يتعرضون لها كي يصبحوا بعثيين!
وكأنهم كانوا يستأذنوننا ويطلبون موافقتنا كي يعترفوا علينا في اجهزة الامن او في اللجان الامنية داخل الحزب
(قانون البعث يقضي بإعدام من يخفي شيئا عن الحزب عن انتمائه السياسي السابق)!
وكان ذلك الحديث من اخطر واصعب الاحاديث، فوصول الرفيق الى هذه المنطقة يعني انه اصبح على حافة الانهيار، ولم اعرف رفيقا او صديقا منعه الحديث في مثل تلك الظروف من الانتماء للبعث!
وكنت وغيري نتحدث معهم ونحن نعرف انه، في وقت قريب، ستتحول كلمات الصداقة بيننا ومحاولة منعهم من الانتماء الى ادلة ستستخدم ضدنا في اجهزة الامن!
وقانون حزب البعث الذي يحكم بالاعدام على من ينتمي اليه مكرها او بارادته اذا اخفى اية معلومة عن تنظيمه السابق هو واحد من اكثر القوانين اجراما فهو صمم من اجل تدمير وتسقيط الانسان كليا وبلا حدود..
بل ان اجهزة الامن كانت تستخدم كلمة التسقيط في مراسلاتها (تم تسقيط فلان) و يالها من محنة!
وعذاب صديقي السوري وصراعه الداخلي جعل منه انسانا اقوى واكثر احساسا بشرفه وكرامته..
فيما عذاب العراقي المنتمي لحزب علماني او اسلامي او قومي (فقانون الانتماء والاعتراف تحت طائلة الاعدام طبق على الاحزاب الاسلامية والقومية الكردية كذلك) ترك من تعرضوا لذلك الصراع حطاما بشريا مدمرا.. وبعض هذا الحطام اصبح في قيادات الاحزاب اليوم!
ويالها من محنة تلك التي مر بها العراق واسست الشخصية العراقية.
وهي محنة مستمرة حتى اليوم بين الانسان ونفسه..
خصوصا وان الفساد اصبح عقيدة ومنظومة فكرية متكاملة العناصر!
ولا صديق يعينك في هذا الصراع سوى نفسك.. فمجتمعنا المريض وعندما تفسد يجد لك الاعذار!
• من صفحة الكاتب في فيسبوك
دبلوماسي أمريكي: دربنا الشرع على رئاسة سوريا منذ 2023
21-أيار-2025
خامنئي: لا نعتقد أن المفاوضات مع أمريكا ستنجح
21-أيار-2025
السليمانية تستعد لإطلاق أول مهرجان لثقافات الشعوب
21-أيار-2025
تحالف الخنجر قلق من منع تيار «المدخلية» السلفي
21-أيار-2025
مجلة أمريكية تضع بغداد في آخر مدن «الأكثر أماناً»
21-أيار-2025
مجلس الوزراء يقرر عيدية للأيتام وإصلاحات جمركية وقرارات إسكانية
21-أيار-2025
السوداني يعلن تحالفا انتخابيا مع 6 شخصيات سياسية وقوى الإطار نحو «قوائم منفردة»
21-أيار-2025
هيئة الاستثمار: إقبال كبير من الشركات الكبرى للدخول إلى العراق
21-أيار-2025
بعد كشف مصفى مقديشو.. طلب نيابي لمتابعة الأصول العراقية المجهولة في الخارج
21-أيار-2025
صندوق المناخ الأخضر يوافق على تمويل البرنامج المناخي العراقي بـ1.3 مليار دولار
21-أيار-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech