بغداد ـ العالم
يعيش المشهد السياسي، هذه الايام، حراكا ملحوظا بين القوى والأحزاب لإعادة ترتيب أوراقها، إذ تتجه بعض الأطراف إلى خوض الانتخابات بشكل منفرد، لتعزيز حضورها السياسي المستقل، بينما أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، عن دخوله بائتلاف انتخابي موسع باسم "ائتلاف الإعمار والتنمية، يضم إلى جانب "تيار الفراتين" الذي يتزعمه، العديد من الكتل السياسية.
وذكر مكتب السوداني في بيان ورد لـ"العالم"، امس أنه "تتشرف مجموعة من القوى والتيارات الوطنية العراقية أن تعلن لعموم أبناء شعبنا العراقي، عن تشكيل (إئتلاف الإعمار والتنمية)، لخوض الانتخابات التشريعية، المقرر إجراؤها في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل".
وبين أنه "اجتمع في هذا الائتلاف، أبناؤكم في كل من القوى السياسية والوطنية التالية؛ تيار الفراتين، وتحالف العقد الوطني، وائتلاف الوطنية، وتحالف إبداع كربلاء، وتجمّع بلاد سومر، وتجمّع أجيال، وتحالف حلول الوطني". وأضاف "لقد وضعنا نُصب الأعين، مصلحة العراق والعراقيين أولاً، واستهدفنا استدامة الإعمار وتعزيز الاقتصاد الوطني، واستكمال البُنى التحتية والمشاريع الإستراتيجية، وترسيخ ما تحقق من الأمن والاستقرار والعلاقات مع المحيط الإقليمي والعربي والعالمي". وتابع أن الائتلاف يأتي "على ما أُنجز من خطوات كبيرة خلال العامين الماضيين، في ظل ما شهده العمل الحكومي من خدمات وتطوير وخلق للفرص، ورعاية للأسرة وشرائح المجتمع كافة، آخذين بعين الاهتمام تلبية تطلّعات المواطن في كل مكان". تشهد الساحة السياسية العراقية مرحلة مفصلية مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، وسط توقعات بتغييرات جوهرية في الخارطة النيابية وموازين القوى داخل البرلمان. وفي ظل تنامي حالة السخط الشعبي من الأداء السياسي السابق، تتجه الأنظار إلى ما يمكن أن تُفرزه هذه الانتخابات من تحولات، لا سيما في ضوء تصاعد وعي "الأغلبية الصامتة" التي طالما عُدّت عاملاً مهمشًا، لكنها اليوم قد تمثل الكفة المرجحة في تقرير المصير السياسي للبلاد.
وأكد رئيس مركز اليرموك للدراسات الاستراتيجية، عمار العزاوي، أن التغيير في انتخابات مجلس النواب المقبلة يعتمد على "الأغلبية الصامتة".
وقال العزاوي، إنه "بعد سنوات من الممارسة الانتخابية، لا بد أن يكون الوعي حاضرًا، من أجل إحداث الفارق المنشود، خاصة أن الكثير من الأحزاب والحركات، لم تقدم خطوات عمل حقيقية وبرامج تُطبق على الواقع وبدون استنساخ متكرر، وهذا ما تسبب بخلق حالة من الإحباط لدى الجماهير".
وأشار إلى أن "الأغلبية الصامتة، والتي تشكل نسبة كبيرة، يجب أن تتحرك للمشاركة الانتخابية وإقناعها بدورها في انتخاب الأصلح والأفضل، الذي يحقق لها أهدافها، كما أن المقاطعين في مناطق محددة سابقًا، وخصوصًا في العاصمة بغداد، لم يقاطعوا لأسباب مقصودة، بل لعدم ثقتهم بالبعض أو معرفتهم، وستكون مشاركتهم فاعلة إذا أرادوا ذلك".
وأضاف أنه "يجب أن يكون هناك تمييز واضح بين الأسماء التي تعمل وتريد أن تحقق شيئًا، وبين من لم يقدم سوى الوعود غير المتحققة".
وتثير هذه الديناميكية تساؤلات جدية حول حجم المشاركة الفعلية، وأثرها المحتمل في كسر هيمنة الأحزاب التقليدية، وفتح الطريق أمام قوى جديدة تعبّر عن تطلعات الشارع العراقي إلى الإصلاح والتغيير الحقيقي.
بدوره، أعلن النائب عامر الفايز، أن تحالف "تصميم" قرر خوض انتخابات تشرين الثاني 2025 بشكل منفرد، دون الدخول في أي تحالفات انتخابية مع كتل أخرى، مؤكدا في الوقت ذاته أن الإطار التنسيقي حسم رؤيته للمرحلة التي تلي الانتخابات.
وقال الفايز، إن "تحالف تصميم يتكون من تجمعين سياسيين، وسيشارك في الانتخابات بعدد من المحافظات، بعيدا عن أي تحالف انتخابي مع جهات أو كتل أخرى".
وأضاف، ان "التحالفات الانتخابية تعقد عادة بين الأحزاب وليس بين تحالفات، ولهذا فإننا ماضون بالمشاركة ضمن تحالفنا فقط".
وفيما يتعلق بموقف الإطار التنسيقي، أوضح الفايز أن "قوى الإطار ستدخل الانتخابات المقبلة بقوائم منفردة، على أن تعود إلى الاجتماع والتنسيق مجددا بعد إعلان النتائج تحت مظلة الإطار".
وأشار إلى أن "موعد الانتخابات محدد في 11 تشرين الثاني 2025، ولا توجد حتى الآن أي مؤشرات على تأجيله، لذلك نتعامل معه كموعد نهائي ومعتمد".
وتأتي هذه التصريحات في ظل الاستعدادات الجارية لخوض الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 11 تشرين الثاني 2025، والتي يُنظر إليها على أنها مفصل سياسي مهم في العراق بعد احتجاجات تشرين 2019 التي أفرزت واقعا سياسيا جديدا ودعت إلى إصلاحات واسعة.