عامر بدر حسون
حتى لا أُحسب على الزاهدين في السلطة، لابد من ايضاح التالي:
- ان زهد المثقف بالسلطة او المنصب هو الوضع الطبيعي.. فالمثقف الطبيعي لا يشغله في الدنيا اكثر من كتابة "جملة مفيدة" وتقديم زاوية نظر جديدة للحياة.
- الايضاح الاخر يتمثل في ان رئاسة منظمة ثقافية عراقية معارضة، ولنظام من نوع نظام صدام حسين، ليس امرا ممتعا ولا مكسب فيه سوى تقديم الخدمة العامة، وهو عمل مجاني وبدون مقابل مادي..
واعود الان الى تكملة ما بداته امس:
حل موعد عقد المؤتمر الجديد للرابطة، فعقد المؤتمر ولكن.. على طريقتي هذه المرة!
لقد كنت، وما زلت، اكره فكرة وجود منصة وصف اول من الكراسي للنخبة.. وخصوصا في جلسات ومؤتمرات المثقفين.
فالمنصة هي سلطة رمزية، وتدرّج الكراسي وتسلسلها هو تدرج في الاهمية، وكان نابليون يرفض الجلوس في الصف الاول ويجلس في الصفوف الخلفية قائلا:
- الصف الاول هو حيث يجلس نابليون!
وعلى هذا ذهبت مبكرا لتكسير صنم المنصة والجمهور!
ابعدت الطاولة كليا عن المشهد.. وقمت بتشكيل حلقات دائرية كبيرة من الكراسي، يعني شيء يشبه الطاولة المستديرة ولكن بلا طاولة.
هذا الوضع جعل المناقشات ممتعة واكثر حيوية واينما وقفت وتحدثت فانت امام الجميع رقم واحد!
وطريقة الجلوس هذه اوحت للجميع بالمساواة والتكافؤ والاحترام الكامل..
ويبدو انني كوفئت على فكرتي فحصلت للمرة الثانية على أعلى الاصوات وبفارق كبير جدا عن زملائي الاخرين!
لا اعتقد في الواقع ان هذا هو السبب، فالمنافسة كانت اسهل هذه المرة لان المنافسين الاقوياء من نجوم ثقافتنا رحلوا الى اوروبا ومن بقي منهم كان على وشك الرحيل
وفي اول اجتماع للهيئة الادارية لانتخاب رئيس للفرع لاحظت بعض الوجوم الخفي عند عضوين جدد، وعرفت انهما يسعيان، وبسبب مركزهما الحزبي، للحصول على الرئاسة لاحدهما.
واذا اردت ان تخرب مجموعة فاجعل المنافسة على رئاستها هي الشغل الشاغل لأعضائها.
فما هو الحل لهذه المشكلة؟
كان عددنا تسعة اعضاء وقد قمت بتوزيع الاوراق عليهم وقدمت المقترح التالي: سنبدأ الاجتماع بانتخاب الرئيس وسنعتبر ان كل الاعضاء مرشحين للرئاسة..
اضافة لهذا فان الاقتراع سيكون سريا!
وكانت النتيجة: سبعة رشحوني واثنان رشح كل واحد منهما نفسه! والظاهر ان طريقتي، ودون ان اقصد هذا، فوتت عليهما التنسيق لاختيار احدهما بدلا من ان يبدو كل واحد منهما وقد باع صاحبه وارادها لنفسه!
لم اكتف بهذا.. فقد اعلنت فور ظهور النتائج اننا سنعيد الاقتراع السري لاختيار رئيس كل ستة اشهر بدلا من انتظار عامين او اكثر للمؤتمر الجديد!
وعندما تبحث عن الحل، وليس الانتصار، فما اكثر الافكار واسهلها لتشكيل هيئة ادارية او حكومة!
لماذا فعلت هذا؟