طه المراياتي
في عام 2012 اختارت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، أو ما يعرف اختصاراً بالـيونسكو (UNESCO)، بغداد عاصمة العراق مدينة الف ليلة و ليلة كثالث اوسخ عواصم العالم لاحتوائها على النفايات وثامن عاصمة على مستوى التلوث البيئي فمنذ هذا العام حتى يومنا لا زالت بغداد تتبوأ مراكز متقدمة في هذا المجال ... هذا المركز لم و لن يأتي اعتباطا بل جاء بعد جهد وعرق و مثابرة و عمل متواصل من لدن السادة المسؤولين و في كل مفاصل الدولة... حقيقة اهنئ الكل على هذا الانجاز الرائع رغم ان التهنئة جاءت متأخرة
ثروات كثيرة منَّ الله بها علينا ولكن منذ تأسيس الدولة العراقية الى يومنا هذا كانت و لا تزال من نصيب الحكام و حاشيتهم وكان النفط بالذات هو ما يهم احبتنا المسؤولين وبالخصوص ما بعد 2003 لأن بيه خمط ، بالإضافة الى جاهزية القبض السريع و الوفير و السهل. هذا الوضع ،اعمى عيون السادة المسؤولين .... "مادام الفلوس تجي بلا وجع كلب شتسوي بثروة يحتاجلها وجع راس" .. هذه هي سياسة دولتنا الحكيمة
* فمن هذه الثروات المهملة التي توجع الرأس، هي النفايات (يعني بالعامية زبالة) لا تستغربوا سأوضح لكم بالدليل و بالأرقام اهمية هذه النفايات (الزبالة) ، بس للتذكير "اكو زبالة تفيد و اكو زبالة مضرّة متصيرلهه جارة" .
كل دول العالم المتطورة تتعامل مع النفايات بطريقة ايجابية و مثلى للتخلص من هذه النفايات عن طريق عملية تدويرها . وعمليّة تّدوير النفايات هي عمليّات مترابطة تبدأ بتجميع المواد التي يمكن تدويرها و الاستفادة منها ، ثم يتم فرزها حسب النّوع ليتم تحويلها إلى مواد خام قابلة للاستخدام من جديد مثل الحديد ، الورق ، الزجاج، قواطي الالمنيوم... الخ و بالتالي ان إعادة تدوير هذه المواد و تحويلها الى مواد خام يقلّل من استخدام المواد الطبيعيّة من قبل المصانع كخامات أساسية و يوفر فرص عمل جديدة و يقلل التلوّث البيئي والاحتباس الحراري النّاتج عن حرق النفايات و طمرها .
فمناطق مثل معامل الطابوق ، سبع قصور ، الشماعية ، بوب الشام تعد من اكبر مناطق تجميع النفايات..... فقط في هذه المكبات يمكن جمع و تدوير200 – 2000 بطارية يوميا ، بينما يبلغ معدل كمية الفافون الموجودة في هذه المكبات يوميا نحو 10 طن والبلاستك الذي يبلغ معدل الكمية التي فيه يوميا نحو 150 كيلو غرام وعبوات المشروبات الغازية الفارغة قد تتعدى هذه الارقام وغيرها من النفايات .وقد بدأ بالفعل ظهور بعض الأفكار مثل استخدام الزجاج المجروش الموجود في المخلفات كبديل للرمل في عمليات رصف الشوارع أو محاولة استخدام المخلفات في توليد طاقة نظيفة. فمصانع تدوبر النفايات هدف علمي وصناعي كبير ينقذنا من تراكم النفايات في البلد وهو ليس صعب التنفيذ من الناحية التقنية فلدينا عقول قادرة على تشغيله ورسم المخططات الواقعية له فمثلا طريقة تكرير الزجاج المعاد او (ثرم) الورق ومعالجته من الشوائب والبكتريا وغيرها من الامور.. انه لو تحقق سيصبح صرح صناعي متطور في العراق وينقذ البيئة العراقية بالتأكيد ويحقق ارباحا اقتصادية ولدينا مخططات لمثل هذه المصانع.. فمثلاً ،اشارت وحدة بحوث العلوم التطبيقية في الجامعة التكنولوجية الى امكانية انتاج ما يقارب 4,844 مليون طن من الاسمدة العضوية الناتجة من القمامة في غضون عام واحد، ويمكن استخدامها بنجاح في تسميد جزء من اراضي البلاد الزراعية التي تبلغ مساحتها 6,599مليون دونم . ليس هذا فحسب , بل ان المواد المفروزة من القمامة لعام 2023كفيلة بأنشاء 90مصنعا للمعادن والورق والزجاج والبلاستيك والاسمدة العضوية والقماش . منذ 2003 و الكل يدعوا للاستفادة من تدوير النفايات ، التي تشكّل ثروة مضافة للعراق ، لكنها، مثل باقي مصادر الثروات الاخرى، باستثناء النفط، عرضة للإهمال والهدر بسبب الفساد وسوء ادارة الدولة.
* احد المسؤولين في وزارة الصناعة اكد ان الوزارة قادرة بكوادرها الفنية والهندسية في تحقيق مثل هذه المصانع وتشغيلها.. لكن ليس من صلاحيتنا ان ننشأ هذه المصانع لتدوير النفايات الا بموافقة رئاسة الوزراء وتخصيص مبالغ مالية اضافية لموازنة الوزارة لغرض انشاء هذا المصنع الذي يعد ضرورة ملحة للبلد لحماية البيئة والصحة العامة !!!