بغداد ـ العالم
تضم مدينة النجف العراقية عشرات المدارس الدينية التي يكاد عمر بعضها يتجاوز الـ400 عام كما يوجد فيها مكتبات وبيوت أثرية، ويطالب مختصون بالآثار والتراث الجهات المعنية والمختصة بالحفاظ على هذه الآثار وحمايتها كونها شواخص حية على أهمية المدينة وتاريخها ، حيث تعرضت الكثير من مبانيها للهدم ، بعضها بموافقات حكومية وموافقات من العتبة العلوية ، والبعض الآخر تجاوز على القانون والنظم .
بالصدد يقول الصحفي والإعلامي المتخصص بتحقيقات الاثار والتراث بالنجف، حيدر حسين الجنابي، ان" العتبة العلوية استملكت الأملاك المحيطة بالصحن العلوي الذي فيه مرقد الامام علي بن ابي طالب باعتبار يأتيه الوفود من كل انحاء العالم ولذلك لا يتناسب مع حجم الزيارات المليونية ".
ويرى الجنابي، ان" النجف مدينة اثرية فيها الكثير من الأبنية والبيوت التراثية فيها مكاتب ومدارس في ازقتها القديمة الضيقة ، كما تنتشر فيها المراقد التي ترتبط بتاريخ المراجع وفي حال قامت العتبة بتوسيع الصحن اكثر يجب هدم كل هذه الاثار والابنية التراثية ".
ويضيف، "ضمت المدينة 5 اسوار هُدم 4 منها وبقي سور واحد قريب من خان الشيلان الاثري والذي تمت صيانته من قبل الهيئة العامة للاثار، واكثر المباني الاثرية تقع في سوق الحويش القريبة من الصحن العلوي".
ويشير الجنابي الى ان "العتبة عندما قامت بالتوسعة لم تجد بديل عن هدم جزء من السوق وهذا خلق صراع بين المؤيدين للتوسعة مع الحفاظ على الأماكن التراثية "، مشيرا الى انه "تواصل مع احد أعضاء مجلس إدارة العتبة واكد انه لن تتم إزالة جميع المناطق الاثرية وخصوصا التي عمرها اكثر 250 سنة" .
ويوضح، "وبذلك سيبقى عدد من المكتبات والمراقد، ولكن الأسواق والبيوت التراثية ستهدم باستثناء البيوت التي حالتها البنائية جيدة ولكن ليس جميعها ".
ويحمل الصحفي والإعلامي حيدر حسين الجنابي، وزارة الثقافة مسؤولية هدم المباني والمواقع الاثرية في مدينة النجف اذ لم تكن للدائرة أي دور منذ اكثر من 5 سنوات، كما لم تستطع دائرة الثقافة انشاء متحف في النجف فيما يخص العصور الإسلامية او قبلها ولا يوجد أي اهتمام للحفاظ على هذه الاثار القيمة". ووصف الجنابي دائرة الثقافة في النجف بـ "الضعيفة" لانها لا تستطيع تطبيق القوانين.
وقال الصحفي المتخصص ، انه اقترح بدائل للتوسعة حيث قدم عشرة مقترحات الى العتبة العلوية "تضمنت الحفاظ على الدور والمكتبات حيث يستطيعون تحويلها الى متاحف او تحويل بعض البيوت الاثرية الى دوائر لتقديم الخدمات للزائرين ، والحفاظ على سور النجف وإزالة التجاوزات والاهتمام بخان الشيلان والجوامع والمساجد وبيوت ومكاتب المراجع التي هي بالأصل بيوت تراثية وتحويل بعضها إلى متاحف فكرية لعلماء الحوزة العلمية ومؤلفاتهم".
من جانبه يقول الخبير بالاثار الدكتور، كرار الزوارقي، ان "صفة الاثار تطلق على قطعة او مكان يكون عمره اكثر من 200 عام اما اقل من ذلك فيعتبر تراث وممكن الحفاظ على سوق الحويش في النجف مثلا عبر اخذ عينات منه وعرضها في المتاحف ليكون متحف او مكان يوثق اهمية النجف وايضا السوق". ويضيف الزوارقي، ان "السوق لم يدخل الى قائمة التراث العالمي بالرغم من ان عمره عبر مئات السنين لاسباب عديدة منها، لم يدخل المكان أي مستكشفين ولم يتم دراسته او تقديمه كمكان اثري لمنظمة اليونسكو، كما ان هناك مواصفات و أسس يعتمد عليها اليونسكو لادخالها ضمن التراث العالمي، وبالرغم من ذلك توجد تجارب شخصية لدراسة المكان وارشفته من قبل باحثين محليين".
وينص قانون حماية الآثار والتراث العراقي رقم 55 لسنة 2002 على، أن كل بناء عمره أقل من 200 سنة فهو تراث، وان كل بناء عمره أكثر من 200 سنة فهو آثار، وكلاهما محمي بالقانون.
وفيما يخص رأي المرجع الأعلى علي السيستاني حول توسعة العتبة العلوية والأماكن الأثرية والتراثية، فانه يوصي على ضرورة الحفاظ على الخصوصية التراثية والحضارية لمدينة النجف في أي مشروع اعماري.
كما اكد السيستاني على أهمية الاعتماد على متخصصين في شؤون التراث والتأريخ في أي عمل عمراني، وان اي اعمال تحديثية في عمران النجف يجب أن لا تمس الملامح التأريخية للمدينة.