المسؤولية بين المواطن والسلطة
12-آذار-2023
مسلم عباس

في مستشفى حكومي عراقي، تتوافد السيارات الحاملة للمرضى مسرعة لتقف أمام ردهة الطورائ، ويخرج منها مرافقي المريض والصراخ لغة التفاهم بينهم وبين عمال عربات نقل المرضى.
يدخلون تحت سقف ردهة الطوارئ، حيث يتصادم الناس من شدة الخوف والذهول والزحام، المكان مزدحم وسريع بحركة المواطنين، لكنه يفتقد للأطباء الخافرين أو المقيمين.
يجلس المريض على السرير المخصص له، فنسأل أحد أقاربنا الذي يعمل في المستشفى، أين الطبيب؟ هناك، ويشير إلى غرفة يتجمع فيها ثلاثة أشخاص، (شاب في منتصف العشرينيات وفتاتان تقاربانه العمر)، يتسامرون ويلعبون في شاشات هواتفهم.
ذهبت إليهم، وطلبت منهم المساعدة في علاج المريض، فطلب مني الطبيب الشاب أن أشرح له الحالة، فقلت له لا أعرف بالضبط، هو سقط فجأة والجزء الأيمن من جسمه توقف عن الحركة، أخشى أن يكون قد أصيب بجلطة؟
لا شيء، يجيب الطبيب وهو يحدق في هاتفه، ثم يكتب لي علاجاً ويختمه بسرعة ليعود إلى ممارسة هوايته في تقليب الموضوعات والصور على شاشة هاتفه.
غضبت بشدة، لكنني كتمت خشية أن يموت المريض على يدي طبيب يكتب العلاج بيد وهاتفه باليد الأخرى، فماذا عرف الطبيب من المريض ليكتب له هذا العلاج؟ وأي علاج يكون؟
اكتشفت فيما بعد أن غالبية العلاجات التي تعطى لمرضى طوارئ هذا المستشفى هي مسكن للآلام لكي يهدأ المريض وتتخلص منه المستشفى في هذا الوقت المتأخر من الليل.
واكتشفت فيما بعد أن مريضنا يعاني من مرض لا يمكن علاجه بمسكن الألم الذي أعطاه إياه الطبيب صاحب الهاتف الذكي.
كما اكتشفت أن الرعاية التي يقدمها الطبيب داخل عيادته الخاصة تختلف بشكل غير قابل للمقارنة عن تلك التي يقدمها داخل المستشفى الحكومي.
واكتشفت أن بعض الأطباء لا يذهبون للمستشفى في أوقات دوامهم الليلي، وهذا الاكتشاف شاهده أيضاً رئيس الوزراء الحالي بعينه عند زيارته المفاجئة لمستشفى الكاظمية.
واكتشفت واكتشفت واكتشفت.
وتساءلت أيضاً، لماذا تختلف الرعاية بين العادة الخاصة والمستشفى الحكومي؟
أمور كثيرة يعرفها المواطن أكثر مني، ولا تحتاج إلى كثير من الشرح والتفصيل، وفي مجملها تتعلق بحس المسؤولية لدى الموظف الحكومي الذي يمثل في النهاية لسان حال المواطن العراقي باعتباره جزءاً من هذا الشعب.
لنناقش الموضوع بتأنٍ، نحن متفقون على أن السلطة الحاكمة فشلت في أمور كثيرة، ولم تنجح في أداء وظيفتها في إدارة الدولة العراقية، وما تزال حتى هذه اللحظة، إلا أننا كمواطنين وموظفين أيضاً نعتبر أنفسنا ضحايا لسلطة غير كفوءة، ما هو دورنا؟ وما هي مسؤوليتنا؟
هل يحق للطبيب الذي يمثل الإنسان المواطن أن يقصر في عمله داخل المستشفى لأن السلطة ضعيفة في الرقابة ولا تجيد ضبط أوضاع المستشفى؟ من واجبه الأخلاقي والديني والوطني، أن يكون الإنسان في هذه المواقف صاحب مسؤولية عالية، وأن يضمد جراء البلد بتفانيه وجهده المتواصل، لا أن يستغل الفوضى ليهرب من دوامه وينام في البيت بينما هناك أناس مرضى يرقدون في ردهة الطوارئ ينتظرون من يعالجهم.
نعم، نعيد التأكيد على أن الإدارة الحكومية فاشلة، وغير قادرة على ضبط الأوضاع، وهذا لا يحتاج إلى كثير من الحجج لإثباته، إلا أننا يجب أن ننتبه لأنفسنا، أين نحن من هذه الفوضى، هل نؤدي مسؤولياتنا بتفانٍ وإخلاص، أم نستغل الأوضاع للهروب من واجباتنا.
ليس المطلوب منها إصلاح الوضع بشكل عام، بل علينا إيقاف النزيف على أقل تقدير وضمان عدم توسعه حفاظاً على ما تبقى من جسد الدولة والمجتمع، ففي أوقات الأزمات يبرز الجانب الأخلاقي للإنسان ليكون هو المحرك الأساسي لأفعاله.
وفي بلادنا المتأزمة يتضح إن كان الإنسان العراقي يحمل بداخله أخلاق سقراط أو نفعية ميكافيلي، وفي العمل الوظيفي نشتم ميكافيلي لكننا نسير على خطاه.
نستغل ضعف السلطة فنمارس هواياتنا في العبث بالحياة العامة، نتخلف عن إداء مسؤولياتنا، نخالف القوانين الأساسية التي تحفظ حياة الناس، ونتخلى عن أخلاقنا التي ننادي بها في مواقع التواصل الاجتماعي.
أين دورنا ومسؤوليتنا في حماية المجتمع من الانهيار؟
دبلوماسي أمريكي: دربنا الشرع على رئاسة سوريا منذ 2023
21-أيار-2025
خامنئي: لا نعتقد أن المفاوضات مع أمريكا ستنجح
21-أيار-2025
السليمانية تستعد لإطلاق أول مهرجان لثقافات الشعوب
21-أيار-2025
تحالف الخنجر قلق من منع تيار «المدخلية» السلفي
21-أيار-2025
مجلة أمريكية تضع بغداد في آخر مدن «الأكثر أماناً»
21-أيار-2025
مجلس الوزراء يقرر عيدية للأيتام وإصلاحات جمركية وقرارات إسكانية
21-أيار-2025
السوداني يعلن تحالفا انتخابيا مع 6 شخصيات سياسية وقوى الإطار نحو «قوائم منفردة»
21-أيار-2025
هيئة الاستثمار: إقبال كبير من الشركات الكبرى للدخول إلى العراق
21-أيار-2025
بعد كشف مصفى مقديشو.. طلب نيابي لمتابعة الأصول العراقية المجهولة في الخارج
21-أيار-2025
صندوق المناخ الأخضر يوافق على تمويل البرنامج المناخي العراقي بـ1.3 مليار دولار
21-أيار-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech