مرام مازن حاتم
شهدت الساحة الدولية مؤخراً تطوراً لافتاً تمثل في اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و الرئيس الأوكراني فولوديمر زيلينسكي ، فقد شهد البيت الأبيض في 28 فبراير 2025 هذا اللقاء الذي أنعقد في ظل أستمرار الحرب الروسية الأوكرانية ، وحمل في طياته أبعاداً سياسية معقّدة و أسئلة حول مستقبل العلاقات الأمريكية الأوكرنية ، أذأنه لم يكن مجرد أجتماع دبلوماسي روتيني ، بل تحوّل الى مواجهة سياسية تعكس التحوّلات الجارية في العلاقات الدولية و أعادة تشكيل الأولويات الأستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية ، فتحوّلت المحادثات الرسمية الى مواجهة كلامية حادة تعكس الأنقسامات العميقة بين الجانبين .
جائت هذه المقابلة في وقت حرج ، أذ واجهت أوكرانيا تحديات ميدانية و أقتصادية كبيرة في ظل أستمرار العمليات العسكرية و تأثير العقوبات الأقتصادية على روسيا ، حيث أن اللقاء بدأ بحوار رسمي لكن سرعان ما تحوّل الى نقاش محتدوتوتر بدأ عندما أشار ترامب الى أن أوكرانيا لا تحقق تقدماً في الحرب ضد روسيا وأتهم زيلينسكي بعدم أظهار الأمتنان للدعم الأمريكي المستمر لأوكرانياوعدم الأستعداد للسلام،ويُعرف ترامب بمواقفه المتغيره تجاه أوكرانيا ، أذ أشار خلال اللقاء الى أن الحرب يجب أن تنتهي عبر المفاوضات ، في المقابل شدد زيلينسكي على أن أنهاء الحرب يجب أن يكون وفق شروط تحافظ على سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها ، رافضاً أي حلول تتضمن تقديم تنازلات جوهرية.
و أشار خبراء لغة الجسد الى أن لغة جسد الرئيسين عكست التوتر المتصاعد ، حيث ظهر زيلينسكي غاضباً منزعجاً ، بينما حاول ترامب أظهار السيطرة والهيمنة ، ويمكن فهم مواقف الطرفين من خلال السياق السياسي الذي يحيط بهما : فأن ترامب يسعى الى تقديم نفسه كقائد يمكنه أنهاء الصراع عبر صفقة سياسية ، مع التركيز على تخفيف العبء المالي عن الولايات المتحدة الأمريكية التي تقدمه لكييف فهو يشكل ضغطاً مالياً على أقتصادها ، في حين أن زيلينسكي يدرك أن أستمرار الدعم الأمريكي ضروري لأستمرار المقاومة الأوكرانية ، فهو كان حريص على تأكيد أهمية التحالف بين واشنطن و كييف فهي تعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي العسكري ولم يقتصر على هذا الجانب فقط وأنما دعم أقتصادي وسياسي ، ومحذراً من أن أي تراجع أمريكي قد يضع كييف في موقف صعب أمام روسيا و يمنح روسيا تفوقاً أستراتيجياً .
ويعود الخلاف بين ترامب وزيلينسكي الى الرؤية المتباينة لمستقبل الحرب والمصالح الأستراتيجية لكل طرف، بالنسبة للرؤية الأمريكية الجديدة مع تصاعد الضغوط الداخلية في الولايات المتحدة الأمريكية وتزايد الأصوات التي تدعو الى أعادة توجيه الموارد الداخلية ، مما يجعل الأدارة الأمريكية القادمة أكثر ميلاً الى تبنّي نهج برغماتي قائم على أنهاء الصراع بوسائل دبلوماسية ، فأن ترامب معروف بميله للواقعية السياسية ويرى أن أستمرار الحرب دون أفق واضح للحسم العسكري يضعف المصالح الأمريكية لذلك يفّضل اللجوء الى التسوية التي قد تتضمن تقديم تنازلات متبادلة ، في حين أن زيلينسكي يؤكد أن أي حل لا يشمل أستعادة الأراضي المحتلة بالكامل يعتبر هزيمة دبلوماسية وعسكرية وقد يضعف موقفه الداخلي في أوكرانيا. وبعد هذه المشادّة في اللقاء ، ألغى ترامب المؤتمر الصحفي المشترك وغداء العمل المخطط لهما و صرّح بأن زيلينسكي يمكنه العودة عندما يكون مستعداً للسلام. وهذا اللقاء يحمل دلالات واسعة على المستوى الدولي ، فقد أرسلت هذه المواجهة السياسية رسائل كثيرة الى الأطراف الفاعلة في الأزمة ، من جهة روسيا قد تفسر موسكو هذا التوتر على أنه مؤشر على تراجع الألتزام الأمريكي تجاه أوكرانيا وهذا يشجعها على تعزيز موقفها العسكري أو القيام بمبادرات تفاوضية بشروط أكثر صرامة ، ومن جهة الأتحاد الأوروبي فأن هذا اللقاء يثير قلق الدول الأوروبية التي تعتمد على الدعم الأمريكي للحفاظ على وحدة الموقف الغربي تجاه روسيا ، وهذا قد يدفعها الى تعزيز قدراتها الدفاعية أو لعب دور أكبر في تمويل كييف ، ومن جهة حلف الناتو فأن أستمار الخلافات حول دعم أوكرانيا قد يؤدي الى أضعاف تماسك الحلف ، وخاصة اذا قررت واشنطن تقليل ألتزاماتها تجاه الحرب .
وبدلاً من التركيز على نقاط الخلاف يمكن للطرفين البحث عن حلول واقعية تأخذ في الأعتبار المصالح المشتركة و الأستقرار الأقليمي ومن هذه الحلول : أنه بدلاً من قطع الدعم فجأةً يمكن أن تتبنى واشنطن نهج يستند الى تحقيق تقدّم في الأصلاحات السياسية والأقتصادية في أوكرانيا ، مما يضمن أستمرارية الشراكة الأستراتيجية بين الدولتين ، ويمكن للولايات المتحدة الأمريكية و أوكرانيا أن تعزز المسار الدبلوماسي بالعمل مع الحلفاء الأوروبيين لأطلاق مبادرة دبلوماسية تتضمن وساطة دولية تهدف الى تحقيق حل سياسي يضمن مصالح جميع الأطراف ، و تحفيز الحلفاء على تحمّل مسؤليات أكبر في دعم أوكرانيا سواء من خلال تقديم مساعدات مالية أضافية أو تعزيز صناعاتها الدفاعية وهذا لتقليل الأعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية . وهذا اللقاء يحمل دلالات واسعة على المستوى الدولي ، فقد أرسلت هذه المواجهة السياسية رسائل كثيرة الى الأطراف الفاعلة في الأزمة ، من جهة روسيا قد تفسر موسكو هذا التوتر على أنه مؤشر على تراجع الألتزام الأمريكي تجاه أوكرانيا وهذا يشجعها على تعزيز موقفها العسكري أو القيام بمبادرات تفاوضية بشروط أكثر صرامة ، ومن جهة الأتحاد الأوروبي فأن هذا اللقاء يثير قلق الدول الأوروبية التي تعتمد على الدعم الأمريكي للحفاظ على وحدة الموقف الغربي تجاه روسيا ، وهذا قد يدفعها الى تعزيز قدراتها الدفاعية أو لعب دور أكبر في تمويل كييف ، ومن جهة حلف الناتو فأن أستمار الخلافات حول دعم أوكرانيا قد يؤدي الى أضعاف تماسك الحلف ، وخاصة اذا قررت واشنطن تقليل ألتزاماتها تجاه الحرب .
وبدلاً من التركيز على نقاط الخلاف يمكن للطرفين البحث عن حلول واقعية تأخذ في الأعتبار المصالح المشتركة و الأستقرار الأقليمي ومن هذه الحلول : أنه بدلاً من قطع الدعم فجأةً يمكن أن تتبنى واشنطن نهج يستند الى تحقيق تقدّم في الأصلاحات السياسية والأقتصادية في أوكرانيا ، مما يضمن أستمرارية الشراكة الأستراتيجية بين الدولتين ، ويمكن للولايات المتحدة الأمريكية و أوكرانيا أن تعزز المسار الدبلوماسي بالعمل مع الحلفاء الأوروبيين لأطلاق مبادرة دبلوماسية تتضمن وساطة دولية تهدف الى تحقيق حل سياسي يضمن مصالح جميع الأطراف ، و تحفيز الحلفاء على تحمّل مسؤليات أكبر في دعم أوكرانيا سواء من خلال تقديم مساعدات مالية أضافية أو تعزيز صناعاتها الدفاعية وهذا لتقليل الأعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية . وفي اليوم التالي أكد زيلينسكي على أهمية الدعم الأمريكي لأوكرانيا ، معرباً عن أستعداده لتوقيع أتفاقات تعزز العلاقات بين البلدين ، لكنّه شدد على أن أي أتفاق سلام يجب أن يحترم سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها. وفي ظل أستمرار الصراع ، وبدلاً من التركيز على الحلول قصيرة المدى ، يمكن للطرفين صياغة أتفاق أمني يضمن أستقرار أوكرانيا حتى في حالة تقليص الدعم الأمريكي تدريجياً مما يقلل من المخاطر المستقبلية، مع البحث عن حلول دبلوماسية تضمن الأستقرار على المدى البعيد ، وتبقى الدبلوماسية الخيار الأمثل لتحقيق سلام مستدام ، و لقاء ترامب وزيلينسكي يعكس بوضوح التحديات التي تواجه أوكرانيا ، لكنه في الوقت ذاته يؤكد أن الحوار لا يزال ممكناً .