أين مقدمات التغيير في الانتخابات المحلية العراقية؟
27-آب-2023
د. مجاشع التميمي
موضوع التغيير المرجو في العراق بعد الانتخابات المحلية المزمع أجراؤها نهاية العام الجاري يفترض معرفة جدوى وأهداف من هو الذي يطالب بالتغيير؟. الأحزاب الحكمة، أم المعارضون لها؟.
فإذا كان موضوع التغيير هو المتفق عليه ضمن النظام السياسي وحسب القواعد السياسية فالكل يتحدث بذلك، من هم في السلطة ومن هم خارج السلطة، بمعنى حتى الذي يعترض ويعارض نمط السلطة القائمة الآن والقابضة على السلطة وسياساتهم، هو لا يتحدث عن اللجوء للعنف بما فيهم من يتظاهر ضمن القانون باعتبار التظاهر حالة للتعبير عن حالة سلمية وليست عنفية.
أما موضوع المستقلين وفرص التغيير هي للأسف الشديد، وهنا أتحدث بصراحة وبموضوعية، فإن الديمقراطية حكم الشعب، هذا التعريف السائد، لكن ما عاد هذا التعريف ينسجم مع ما في العراق، فالديمقراطية، أولاً هي ليس حكم الشعب وليس حكم زعامات مكونات، وليس حتى للمكونات بالجانب الاجتماعي، فزعامات المكونات أصبحت أشبه بالنادي المغلق، فقد يسمحون بإشغال بعض المقاعد لما يسمى بالمستقلين أو المدنيين، ولكن بشرط أن يكون ضمن هوية السياسة المعتمدة لهذا النادي المغلق، بمعنى أشبه بالحزب الواحد في النظام البائد الذي كان يتحدث عن تأسيس أحزاب، ولكن بشرط أن تؤمن بمبادئ حزب البعث والثورة.
وعندما نتحدث عن التغيير المنشود من اللجوء إلى الانتخابات فهو بلا فائدة إذا ما كانت السياسة بيد السلطة القائمة، فالنظام الانتخابي والسلطة التشريعية تمثلان السلطة القابضة، يعني غياب المناكفة والمعارضة، وغياب حزب معارض قوي يقف بالضد من تعديل قانون سانت ليغو الذي تم بالمغالبة، حيث إننا لم نر حزباً يرفض التعديل ويعلن تضامنه مع حركة الاحتجاجات والتغيير واعلن عن قراره بعدم المشاركة في الانتخابات المقبلة.
ثانياً الجانب المالي لأنه أساس السلطة في العالم الثالث وليس فقط في العراق، فالأساس هو المال للدخول في السلطة والمال أوجد لنا حراكاً اجتماعياً مشوهاً، فالجميع يتذكر ان الكثير من السياسيين قبل عام 2003 لا يملك شيئاً وبمجرد أن انخرط بالسياسة أصبح من الاشخاص الاثرياء.
وهنا اتحدث عن اغلب القيادات السياسية فبمجرد أن ينخرط في السلطة التشريعية او السلطة التنفيذية ويدخل في دوامة السياسة والعمل السياسي يصبح شخصاً آخر؛ لأن السياسة تعني عقوداً ومقايضات السياسة، وهذا ينطبق على المستقلين بمعنى قد تجد مستقلاً حريصاً على أن يحقق التغيير، لكن كم مستقل حقيقي ضمن 329 من نواب البرلمان، لأن هناك عملية استحواذ على الشخصيات المستقلة من قبل قيادات السلطة الحاكمة وهي من تمتلك القرار؛ لأن الذي يحكم العراق تنفيذياً ليس رئيس الوزراء بل هو مجلس الحكم في الإطار التنسيقي.
وحتى رئيس الوزراء حينما لم يدخل الانتخابات فهي ليس منة إنما جاءت بضغط من الإطار، ولربما بالاتفاق أو لربما بالإنابة لذلك اعتقد أن هناك جهات بالوكالة تعمل لصالحه بشكل مباشر أو غير مباشر. أما عن فرضية فوز المستقلين فأنا أقول أولاً النظام الانتخابي الذي اقر هو الذي وضعته القوى السياسية الكبيرة ويشير إلى صعوبة النزول فردياً وحتى إذا فاز احد المستقلين فلا تأثير ممكن ان يحدث في مجالس المحافظات، وحتى رئيس الوزراء اكد في برنامجه أنه يجب إعادة قراءة قانون رقم 21 لسنة 2008 الذي ينظم العلاقة لكنه ذهب في الأخير وبضغط سياسي إلى تعديل قانون الانتخابات، وما يثبت كلامي ان الانتخابات هي بيد السلطة القابضة على زمام الامور، حسب تصريح القيادي في الإطار التنسيقي عباس الزاملي الذي أعلن عن الاستعداد لتأجيل الانتخابات إذا لم يشارك التيار الصدري فالاطار مستعد لتأجيل الانتخابات، لانه لا يمكن أن تدار الأمور بهذا التدخل في العملية الانتخابية.
وبهذا الواقع والتدخل السياسي لا يمكن للمستقلين الحقيقيين النجاح وباتت حظوظهم ضعيفة وقد يفوزون بمقعد في محافظة ما او بمقعدين، لكن هل يستطيع أن يكون رئيس مجلس محافظة محافظاً منهم؟ فهذا محال، والسؤال أين مقدمات التغيير؟