ضمان وضياع بين أغلبية الثلثين والأغلبية المطلقة
28-تشرين الثاني-2023

سيف السعدي
شتان ما بين نصاب دستوري ضامن واخر غير آمن، وما بين قوة قرار وموقف حازم، وما بين الشراكة والمحاصصة وتوافق واتفاق صادم، وما بين المصالح ونظام مبني على اساس التخادم، وفق هذه العقلية والتعامل يعني ان القادم صادم، لطالما تطبيق الدستور والقانون وفق اتجاه واهواء الحاكم.
التغيير بعد عام 2003 لم يكن تحولاً من نظام ديكتاتوري الى ديمقراطي لان الشعب لم يتحول كون الديمقراطية ليست ثمرة برسم القطف وانما بذرة برسم الزرع وتحتاج مراحل من اجل ان يتماهى معها الشعب، لذلك عندما كُتب الدستور في عام 2005 كانت الاغلبية الدهماء من المكون السني مقاطعة للنظام وللمشاركة في كتابة الدستور وحتى الاستفتاء على مواده، لانهم كانوا منشغلين بمقاومة المحتل واصبحوا بين مطرقة الاميركان وسندان السلطة الحاكمة، ونتاج خطيئتهم يُدفع في كل دورة انتخابية بسبب صياغة مواد الدستور وفق ميول ورغبات الفاعل السياسي في ذلك الوقت الخاضع لمعادلة القوي، على سبيل المثال أن المادة 55 من الدستور العراقي نصت على "ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له رئيساً ثم نائباً اول، ثم نائباً ثانياً، بالاغلبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر"، بما ان مجلس النواب يتكون من 329 عضواً فان الاغلبية المطلقة تعني 166 عضواً، هذا يعني ان الاغلبية المطلقة بسهولة يحققها المكون الشيعي، وهذه الخطيئة التي سوف تبقى تلاحق ممثلي المكون السني إلا ان يتم تعديل الدستور، وهذا صعب في ظل المعادلة السياسية الحالية والعقلية الحاكمة، عكس المكون الكوردي الذي كان براغماتي، ومناور محاور، وحريص على مصالحه واستحقاقه السياسي ولاسيما فيما يتعلق بكتابة المادة 70 من الدستور التي تخص انتخاب رئيس الجمهورية، وصياغتها بطريقة محترفة والتي تحتاج إلى نصاب اغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب اي 220 عضواً ولا يستطيع اي مكون وحده ان يحقق هذا النصاب، وهذا ما اطلق عليه تسمية "النصاب الضامن" عكس المكون السني فإن نصابهم الاغلبية المطلقة غير آمن، خصوصاً في العراق الفيدرالي كانت المعادلة معكوسة في ثوبها الفيدرالي الوطني الجديد معكوسة عما قامت عليه الدولة الفيدرالية الاميركية بلحاظ انتاج السلطة الجديدة وفقدان الثقة البينية بين مكونات القومية والدينية، والاستقطاب العكسي بين المتمسك بأستار النظام الجديد والمتشبث بأطلال النظام المطاح به، فضلا عن تدخل اجنبي وعدم تخصص كاتب النصوص، وهذا ما اشار اليه الدكتور علي يوسف شكري في كتابه الموسوم بعنوان (فلسفة تعديل الدستور) قال "فقد كتبت نصوص الدستور بأياد غير محترفة جمعت بين المهندس والطبيب، والميكانيكي ورجل الدين واللغة وعالم الأحياء والتأريخ والجغرافيا!!، فكانت اللجنة شاملة للأغلب من الاختصاصات والمتخصصين إلا في حقل الدستور والنظم السياسية، هذا فيمن مثل المكون العربي في لجنة كتابة الدستور عكس المكون الكوردي الذي حرص على زج الخبراء والمتخصصين من المشهود لهم بالخبرة والتجربة وهو ما يعكس رغبة المؤسس في بناء دستور مصنوع يلبي الطموح الشخصي ويجسد ما يجول في النفس من طموحات وأمنيات قومية ومذهبية".
على الرغم من كثرة الإشكالات التي تضمنها الدستور العراقي لاسيما صياغة مواد قابلة للتأويل والتحريف والاجتهاد مثل المادة 76 إلا ان ذلك لم يمنع المكون السني من الاشتراك والقبول بالأمر الواقع، لكن المشكلة الأكبر هي ليست في الدستور ومواده وإنما في عدم تطبيقه بشكل صحيح، والفاعل السياسي يستخدمه طبقاً لحاجته، يخرقه عندما يتعارض مع مصالحه الحزبية والشخصية، وللعرف السياسي العلوية، لان الظرف السياسي حول الدستور من حالة الجمود النسبي المؤقت إلى حالة الجمود الكلي المطلق، وخير مثال على ذلك هو اخفاق اللجنة الأولى التي تم تشكيلها بموجب المادة 142 في تقديم المقترحات والتعديلات، وإخفاق اللجان اللاحقة المشكلة في الدورتين الانتخابيتين الثانية والثالثة من الاتفاق على التعديلات التي ستعرض على المجلس بقصد التصويت، ومع كل هذا الجمود فان البنية الدستورية للبلد غير مكتملة لان المادة 48 نصت على "تتكون السلطة التشريعية الأتحادية من مجلس النواب ومجلس الاتحاد"، ولكن عدم وجود جدية من قبل السلطة التأسيسية الأصلية في التعامل مع الغرفة الثانية التي نصت عليها المادة 65 من الدستور "يتم انشاء مجلس تشريعي يُدعى ب (مجلس الاتحاد) يضم ممثلين عن الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، وينظم تكوينه، وشروط العضوية فيه، وتخصصاته ، وكل ما يتعلق به، بقانون يسن بأغلبية أعضاء مجلس النواب"، ولكن الغرفة الثانية "ولدت ميتة" لان تخصصات الغرفة الأولى "مجلس النواب" تم ذكرها في المادة 61 من الدستور مما يعني ليس لمجلس الاتحاد أي تخصص يمارسه عند تشكيله لأن اي انتزاع من اختصاصات مجلس النواب أو الاشتراك فيه يعني تعديل الدستور، وهذا يتطلب اجراء مراحل معقدة مثلما نصت المادتان 126 والمادة 142 من الدستور، وكما اشار الدكتور علي شكري "يقيناً أن التأسيس هو القوام والقاعدة والأصل، فما لم يستوِ أساسه لن يقوِّم التعديل اعوجاجه"، لان تعديل الدستور يرتبط مباشرة بوعي الشعوب، واتذكر جيداً أني قرأت مقالا يتحدث عن الزعيم الفرنسي شارل ديغول عندما ربط مصير استمراره بالحكم بنتائج الاستفتاء على الدستور بشأن توسيع اللامركزية الإدارية وإعادة تنظيم مجلس الشيوخ، في عام 1969 توجه اليهم بخطاب حماسي وطني من أجل تشجيعهم على التعديل ولكن بنفس العام رفض الفرنسيون التعديل وتنحى شارل ديغول عن منصبه، ورمزية هذا الحدث يتجسد في وعي الشعب الفرنسي لانه يميز بين البطل والوطن، والعام والخاص، والشعب الفرنسي الذي اسقط ديغول برفض التعديل للدستور، هو ذاته شارل ديغول الذي حرر الشعب الفرنسي من الاحتلال النازي، وهذا يذكرني بمقولة فوكو والذي تحدث عن افضل شيء جاءت به الحداثة الغربية هي انها ألغت فكرة البطل لصالح المؤسسات، علماً ان دستور الولايات الاميركية منذ دخول احكامه حيز النفاذ تم تعديلة 26 مرة، وأبرزها التعديل الصادر عام 1951 الذي حدد ولايات رئيس الدولة بولايتين فقط، بعد ان خرق الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت القاعدة العرفية عام 1940 حيث فاز بولاية ثالثة، وعام 1945 فاز بولاية رابعة لذلك تم تعديل الدستور ليكون ولايتين فقط.
مثلما اختلف ساسة اميركا الشمال والجنوب في لجنة كتابة الدستور ايضاً كان هناك اختلاف ما بين شمال العراق وجنوبه عند كتابة دستوره عام 2005، ولكن شتان ما بين خلاف المختلفين، فالخلاف الأول كان على مكان إقامة العاصمة الأميركية، وكذلك عن تمثيل الولايات المتحدة في السلطة التشريعية، اي مجلس النواب على نسبة عدد السكان لكل ولاية، ومجلس الشيوخ مقعدين لكل ولاية، اما في العراق الموضوع مختلف تماماً، لان الخلاف كان على كيفية تحصين الطائفية والقومية أكثر من تحصين الهوية الوطنية الجامعة، لذلك بعد عام 2003 كانت الهوية الفرعية ومازالت هي التي تطغى على الهوية الوطنية، مع ضياع المجتمع بوجود تجمعات طائفية، مذهبية، عشائرية، قومية، إثنية، فكان الدفاع عن هذه العناصر اكثر من الدفاع عن العراق لذلك اقول ان دولة العراق دولة يتيمة للاسف، ويمكننا القول أن ما بين اغلبية الثلثين الضامن للكورد وما بين اغلبية مطلقة غير آمنة للمكون السني فاتورة يدفع ضريبتها المنتظم الاجتماعي السني اليوم.

الاقتصاد النيابية تبحث المواصفة العراقية لاستيراد المركبات مع جهاز التقييس
3-نيسان-2024
وزير العدل خالد شواني لـ"العالم": نعمل على "أتمتة" عمل التسجيل العقاري وكتّاب العدول
25-آذار-2024
الحسناوي لـ"العالم": حصة المواطن من الموازنة العامة سنويا 4 آلاف دينار
23-آذار-2024
وزير الداخلية لـ"العالم":نخطط لاستبدال المنتسبين الرجال في المطار بكادر نسوي
12-آذار-2024
حادث سير يودي بحياة "مشرفين تربويين" على طريق تكريت - موصل
12-شباط-2024
العراق يتأثر بحالة ممطرة جديدة تستمر لأيام تتبعها ثالثة "وربما رابعة"
12-شباط-2024
هزة أرضية تضرب الحدود العراقية التركية وسكان يستشعرون قوتها في دهوك والموصل
12-شباط-2024
العراق يدعو إلى تدخل دولي لمنع خطط التهجير الجماعي لسكان جنوب غزة
12-شباط-2024
بمشاركة السوداني وبارزاني إنطلاق قمة عالمية بدبي للحكومات
12-شباط-2024
الأمن والدفاع: العراق لا يستطيع حماية أجوائه من المسيرات
12-شباط-2024
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech