بغداد - العالم
يُعتبر معرض الكتاب هذا العام بمثابة احتفالية حقيقية بإبداع الأطفال، حيث تتألق دور نشر الأطفال كنجوم تسعى لنشر الخيال والإلهام. مع افتتاح أبوابه لاستقبال العائلات، تحول المعرض إلى منصة نابضة بالحياة، تجمع بين عشرات دور النشر المتخصصة التي تقدم لزوارها تجارب فريدة. هنا، كانت الكتب ليست مجرد صفحات، بل بوابات لعوالم جديدة غنية بالمغامرات والمعرفة، تعزز من حب القراءة وتفتح آفاق جديدة للطفولة.
مؤسس دار مصابيح للطفل قاسم سعودي أوضح أن أكثر من 70% من العائلات وزوار معرض بغداد الدولي للكتاب جاءوا خصيصًا للبحث عن دور نشر تهتم بكتب الأطفال. وقال سعودي: "لدينا جمهور خاص لا يخذلنا. هذا الجمهور يولي أهمية كبرى لتقديم الأفضل لأطفاله، ويبحث دائمًا عن الكتب التي تسهم في تنمية عقولهم واهتماماتهم."
أضاف سعودي أن هناك إقبالًا كبيرًا على الكتب التي تحمل طابعًا ثنائي اللغة، مثل قصص "سندريلا" و"بياض الثلج"، حيث يسعى الآباء إلى تعزيز مهارات أطفالهم اللغوية. ولتحقيق ذلك، تعمل دار مصابيح على المزج بين التراث والأصالة من جهة، والمعاصرة والحداثة من جهة أخرى. هذا التوجه يهدف إلى تقديم محتوى يلامس احتياجات الأطفال ويساهم في بناء معرفتهم.
خلال المعرض، نظمت دار مصابيح نشاطات قراءة للأطفال، مما أضفى طابعًا تفاعليًا على التجربة. السعودي أشار إلى خطط لإضافة نشاطات مثل الرسم وحكواتي قريبًا، بهدف تعزيز تفاعل الأطفال مع الكتب وتعميق حبهم للقراءة والفن. "نريد أن نجعل القراءة تجربة ممتعة، حيث يشعر الأطفال بالإلهام من القصص التي نعرضها."
سعودي أعرب عن سعادته بالتوافد الكبير للعائلات هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة، واصفًا التجربة بأنها "أكثر روعة وإبهارًا." أضاف: "نحن نراهن على أن كتب الأطفال التي تخرج من بغداد ستصل إلى أي مكان في العالم. فعندما يسألنا الناس خارج العراق عن إمكانية الحصول على كتبنا، نؤكد لهم أن وجودنا هنا دليل على أننا بخير وأننا مستمرون في خدمة الأجيال القادمة."
وفي سياق حديثه عن دعم الحكومة لكتاب الطفل، أشار سعودي إلى وعود رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بإطلاق الدورة الأولى من مشروع كتاب الطفل. هذا المشروع سيكون مصحوبًا بمهرجان مسرحي وجائزة بغداد الكبرى لكتاب الطفل، وهي مسابقة دولية تهدف إلى استقطاب الأدباء العالميين للمشاركة، مما يفتح آفاقًا جديدة لتطوير هذا المجال. على الرغم من أن دور النشر المتخصصة في كتب الأطفال لا تزال قليلة في العراق، إلا أن سعودي أكد أن ما هو موجود منها يُعدّ من الدور المعروفة. وقد أوضح أن هذا المجال يشهد تطورًا كبيرًا وسعيًا مستمرًا لتقديم الأفضل لأطفال العراق والعرب على حد سواء. هذا التحول هو جزء من رؤية أوسع لتعزيز ثقافة القراءة بين الأطفال.
وقال السيد أحمد العلوي، صاحب دار الرؤى للأطفال من البحرين، إن الدار تأسست قبل ست سنوات، وشاركت في الدورة الحالية لمعرض الكتاب بأكثر من 55 إصدارًا. ورغم صعوبات الشحن، أشار العلوي إلى أن تزايد عدد الإصدارات كل عام يمثل تطورًا إيجابيًا، حيث يتم تقديم 15 إلى 20 إصدارًا جديدًا سنويًا.
العائلة العراقية، وفقًا للعلوي، تبحث عن الجو الثقافي، حيث تولي اهتمامًا كبيرًا للجوانب التربوية والأخلاقية في تعليم أطفالها. "الأسرة العراقية تطلب كتبًا تعزز سلوكيات الأطفال وتنمي مهاراتهم، وتركز على تعليمهم المبادئ والأخلاقيات من خلال كتب مصورة مليئة بالرسوم والألوان الجاذبة."
العليمي يوضح أن الدار تركز على تقديم كتب تسهم في حماية الأطفال وتعزيز الثقة لديهم. "نحن نحرص على أن تكون كتبنا صغيرة الحجم كي لا يشعر الأطفال بالملل أثناء القراءة. هدفنا أن تكون كل قصة أو كتاب وسيلة لتعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم وتقديم رسائل إيجابية تساعدهم على مواجهة تحديات الحياة."
يعتبر العلوي العراق بلدًا مثقفًا بطبيعته، حيث تشكل الكتابة جزءًا من هويته الثقافية. ويعبر عن فخره بوجود كتاب عراقيين متميزين ضمن فريق العمل، ومن بينهم الكاتب المعروف بخبرته التي تمتد لأكثر من 45 عامًا، فاضل الكعبي.
في ختام هذا الحدث الكبير، يستمر معرض الكتاب في بغداد في تقديم منصة فريدة لعالم الطفولة، حيث يتجمع الأبطال الصغار مع قصصهم المليئة بالإلهام. هنا، تُفتح أمامهم آفاق جديدة، ويُشجعون على القراءة والاستكشاف، مما يمهد الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقًا. بفضل الجهود المستمرة من دور النشر، يمكن للأطفال أن يحلموا، يتعلموا، ويكبروا في عالم مليء بالمعرفة والإبداع.