قصة مدينة اسمها الكويت
2-تموز-2025

د. شاكر الحاج مخلف*

(الحلقة الرابعة)

الولايات المتحدة الأمريكية
موقف أمين جامعة الدول العربية – عبد الخالق حسونة
نشرت جريدة العهد الجديد الصادرة في 16 كانون الثاني / 1962 وثيقة تاريخية تفيد بأن "حسونة" يعترف بأن الكويت أرض عراقية، وقد جاء ذلك على صدر الصفحة الأولى كعنوان رئيس "المقطع المهم في ذلك الخبر مثبت على النحو التالي". أعترف أمين جامعة الدول العربية السيد عبد الخالق حسونة أثناء حضوره إلى بغداد لمقابلة الزعيم الأمين عبد الكريم قاسم بأن الكويت جزء من العراق. كما نجد ذلك مثبتا في الدليل السنوي الذي أصدرته جامعة الدول العربية عام 1962. ويشير كراس جامعة الدول العربية في تثبيت عائدية الكويت إلى العراق على النحو التالي: "ليس من المستطاع تحديد نشأة إمارة الكويت كوحدة دولية لأنها جزء من العراق وكانت تابعة للعراق وليس هناك أية حدود تفصل بين العراق والكويت"، على صعيد آخر نشرت صحف بغداد تفاصيل اللقاء بين عبد الكريم قاسم وعبد الخالق حسونة، وكان إيجابيا وقد وعد أمين الجامعة بدراسة الوثائق العراقية، وأبدى تفهما كاملا لحقوق العراق التاريخية. أيضا اتخذ عبد الكريم قاسم إجراءات جديدة بحق العناصر القومية الموجودة في السجون بإيقاف وتجميد جميع القرارات الصادرة بحقهم وإطلاق سراحهم تقديرا منه لموقفهم الوطني ..! تزامن ذلك مع بداية هجوم عنيف قادته الصحافة العراقية ضد سياسة عبد الناصر، ونعرض هنا وثيقة هي جزء من مقال افتتاحي لجريدة التقدم، تزامنا مع زيارة عبد الخالق حسونة ويكشف الموقف آنذاك، يقول المقال: "الكويت عراقية، حتى ولو رابطت أساطيل الإنكليز في شواطئها، ولو غضب ماكميلان والشيوخ والأمراء وعبد الناصر وسعود حتى ولو عقد مجلس الأمن جلسة له ليمنع الكويت من العودة إلى العراق، فلتتفق القوى الغاشمة، فلتلتق موارد النفط العراقي مع موارد نفط قضاء الكويت فوق سطح الأرض، فهما ملتقيان في باطنها: الكويت عراقية رضى الشيخ أم لم يرض، استعان بحلفائه أو لم يستعن. ولا بد أن تلتقي الأيدي الكويتية مع العراقية ولا بد أن يتوحد الشعبان وتعود المياه إلى مجاريها، كما كانت قبل العام 1913، الكويت عراقية هكذا هو منطق التاريخ والحقائق ..!". وعندما نغادر فترة حكم عبد الكريم قاسم مؤقتا، نلتقط بعض الوثائق والمواقف العراقية من فترة حكم الملك غازي بن فيصل الأول.
الملك غازي والدور الإعلامي لإذاعة قصر الزهور
في الفترة التي تولى فيها الملك غازي عرش العراق، أخذ المدّ القومي الوطني في التصاعد حيث شكل العراق بوابة القيادة الجماهيرية والعامل التاريخي الجديد والحالة المنفردة في المواجهة والعمق التاريخي والحضاري للعرب والثقل الاستراتيجي في حالتي النهوض والتصدي. كما أن بريطانيا بدأت مع صعود القيادة الجديدة تفقد الكثير من عوامل قوتها وتخسر الكوابح التي وضعتها لحجز الامتداد المتعاظم للسياسة العراقية الوطنية القومية التي مثلها الملك غازي بن فيصل الأول وأركان حكومته. وقد ذكر بعض مرافقي الملك غازي أنه قد صرح لبعض كبار الضباط المقربين منه، واغلبهم من ذوي الاتجاهات الوطنية والقومية، أن أهم أمنية كانت تشغل عقله وكيانه هي قضية إعادة الكويت إلى الوطن الأم العراق. بدأت تلك التصريحات تأخذ حالة من الظهور العلني في العمل السياسي وذلك في منتصف 1938، عندما تمكن من تكوين كتلة عسكرية من الضباط الذين خدموا في قيادة الثورة العربية من أصحاب الميول الوطنية والقومية، وعندما وجد القبول والموافقة لفكرته بشطب حالة الانفصال من سجل تاريخ العراق، اتخذ قراره بتحويل الإذاعة التجريبية في قصر الزهور التي كان يديرها مجموعة من الكوادر المتدربة على العمل الصحافي الإذاعي كان من أبرزهم يونس بحري، مشتاق طالب وغيرهما. تحولت تلك الإذاعة إلى صوت يتحدث ويرسل التوعية المباشرة. كما تدعو لمناصرة القضايا العربية وخاصة تلك المتعلقة بتحرير فلسطين وسوريا من سيطرة الاستعمار. كما عمل الملك غازي على هيئة مذيع ضمن كادر الإذاعة، حيث تسجل الوثائق قيامه ببث الكثير من البيانات الوطنية والقومية دون أن تكون ثمة إشارة إلى شخصيته الحقيقية. وفي هذا الشأن تشير الوثائق أيضا إلى أنه خصص جزءا كبيرا من فترات بث الإذاعة إلى إطلاق دعوته المتعلقة بعودة الكويت إلى العراق وجلب التأييد الشعبي لها، وكانت المقالات تشير بوضوح إلى أن شيخ الكويت يمثل شخصية أقطاعي مستبد. وكما جاء في تقرير السفير البريطاني الذي عمل في العراق في تلك الفترة موريس باتريس، وذلك ضمن وثيقة رفع الحظر عنها وسنستعرضها في فصول قادمة؛ حيث يقول وهو ينقل نصّ تعليق تمّ بثه من قبل الملك غازي في إذاعة قصر الزهور: "أن حاكم الكويت أقطاعي مستبد، وأن حكمه الرجعي يتعارض مع العهد الجديد في العراق، وأن الكويت ستكون في وضع أفضل لو اندمجت مع الوطن الأم – العراق باعتبارها جزءا لا يتجزأ منه، ولأن هذا الهدف هو من أهداف الأمة العربية لذلك استمرت تلك الإذاعة بالترويج لتلك الأفكار وحث أبناء الكويت على الثورة ضد حكم عائلة آل صباح". عملت تلك الإذاعة الصغيرة التكوين على تثوير المشاعر الوطنية والقومية في العودة إلى الوطن الأم، وقد ساندت الصحف العراقية دعوة الملك غازي وبدأت بكتابة ونشر المقالات التي تقصد تلك الفترة وكانت في مقدمة تلك الصحف العراقية جريدة الاستقلال، الموصوفة بميولها الوطنية والمناهضة. فيما تنشر للوجود البريطاني في العراق والكويت وقد نشرت أقوى المقالات التي تخص عائدية الكويت للعراق في أعدادها الصادرة في الفترة بين شهري نيسان ومايس من العام 1938 استجابت الجماهير العربية بشكل عام وأوساط العشائر العراقية التي تقطن الكويت بشكل خاص لدعوة الملك غازي "شطب حالة الانفصال والوحدة بين الجزء والوطن الأم"، وبدأ أبناء قضاء الكويت يتوجهون إلى بغداد للاتصال بالملك غازي، الذي كان يستقبلهم ويُحسن وفادتهم ويفسح المجال لهم للمشاركة في بث الخطب والتعليقات من خلال فترات البث الإذاعي. كما أوعز لعدد من الصحف بنشر مقالاتهم ومقابلتهم. كانت آراؤهم تؤكد على حقيقة واحدة، أن تحقيق عودة الكويت إلى العراق وشطب حالة الانفصال بمثابة البعث الجديد لتكوين الأمة العربية في جناحها الشرقي. كما يطالبون بمدّ يد العون لانتشال الكويت وسكانها من حالة التخلف والجهل التي تطبق على ذلك الجزء بسبب السيطرة الأجنبية واغتصاب السلطة. وجاء القرار الأكثر تأثيرا في مسار تلك المواجهة والحاسم في نشر الوعي الوطني من خلال الملك غازي، عندما أمر بإنشاء مكاتب للدعاية في لواء البصرة، وبإشراف مباشر منه وقد عملت تلك المكاتب بشكل مهم ومؤثر حيث أخذت تجمع المعلومات والأخبار الضرورية عما يجري في الكويت من احتقان وغضب ومناهضة للسيطرة الأجنبية. كما سهلت تلك المكاتب إيصال مجلة إذاعة صوت الزهور إلى الكويت وقد صدر من تلك المجلة سبعة أعداد كان العدد الأخير منها يحمل تاريخ 7/ أذار / 1939 أي قبل مصرع الملك غازي بأيام.
في اللقاء الخاص الذي حققته مع المؤرخ الكبير السيد عبد الرزاق الحسني مؤلف موسوعة (تاريخ الوزارات العراقية)، حيث أفاد بمعلومات مهمة عن تلك الفترة فقال: "كاد الملك غازي بن فيصل الأول أن يعيد الكويت إلى العراق من خلال عدة مسارات في مقدمتها الجهد الإعلامي ثم السياسي الذي تطور فيما بعد إلى وضع الخطة العسكرية المعروفة، وقد مهد الجهد الإعلامي المؤثر إلى إيجاد أرضية مناسبة لنشر الفكرة وتأسيس علاقة قوية مع العناصر المؤثرة، حيث أن تلك الجهود الإعلامية التي أرتكز بث إذاعة قصر الزهور عليها نجحت في تقريب الصورة إلى الأذهان بما يحفز لشطب حالة الانفصال، كما أخذ الكثير من شباب الكويت يأتي هاربا إلى العراق وعلى أثر ذلك تكون في العراق ما يشبه التنظيم أو الحزب السري الذي ضمّ الكثير من شباب الكويت الممتلئ بالحماسة لفكرة الوحدة العربية والتحرر. نعم نجح الملك غازي ولكن مصرعه المفاجئ غير من النتائج وترك حالة الانفصال قائمة. كما لا بد من أن نذكر أن الملك غازي حلق بطائرته عدة مرات فوق مدينة الكويت".
وجدت في كتاب مذكرات طه الهاشمي، الصادر في بيروت من العام 1969، وفي الصفحة 300 الآتي: "أصبح الملك يتحمس كثيرا لقضية الكويت، وأخذت محطة الإذاعة تحمس الكويتيين في جدلهم ضد الأمير ـ يقصد الكاتب شيخ الكويت ـ ومطالبتهم بالحرية ورغبة البعض منهم في الانضمام إلى العراق، وكان رشيد عالي الكيلاني رئيس الديوان الملكي أكثر تحمسا منه". كما يذكر الكاتب لطفي جعفر فرج في كتابه الملك غازي في الصفحة رقم 223 الآتي: "نجحت إذاعة قصر الزهور في إثارة الرأي العام الكويتي ضد حاكم الكويت وحماته الإنكليز، فأخذ الشباب الكويتي يهتف عند سماعه للإذاعة بحياة العراق وينادي بالملك غازي قائدا للوحدة العربية المنتظرة. وتشير بعض المصادر إلى أن الشباب الكويتي أخذوا يخاطبون الملك غازي بأنهم لا يعترفون بالحماية البريطانية وبحاكم الكويت وناشدوا الملك والجيش العراقي العمل لإنقاذ الكويت.
يتبع..
ــــــــــــــ
أقرأ في الحلقة الخامسة عن مناشدات سكان الكويت للملك غازي بالتدخل لإنقاذهم من الشيخ الموالي لبريطانيا وعن محاولاتي رجب النقيب ويوسف ابن إبراهيم استعادة أرض الكويت. والصراع الخفي والمعلن بين بريطانيا وتركيا وموقف حكومة الملك فيصل الأول، والتصريحات القوية لأركان حكومته بشأن الكويت ومناطق أخرى في الخليج ...! وثائق في غاية الأهمية تنشر للمرة الأولى...!
جميع الحقوق محفوظة للكاتب – أي إنتاج أو نشر بالوسائل السمعبصرية يشترط أولا حماية حقوق المؤلف المادية والمعنوية ...
• باحث في تاريخ العراق القديم والمعاصر

السفارة الأميركية حول رواتب الحشد: على المؤسسات المالية معرفة عملائها وانتماءاتهم
3-تموز-2025
مساع وزارية لخفض التراكيز الملحية في البصرة
3-تموز-2025
7900 مرشح لانتخابات البرلمان
3-تموز-2025
نصب كاميرات مراقبة سرعة المركبات في بغداد
3-تموز-2025
ذا ناشيونال تتساءل: حياد محسوب أم مؤشّر على تبدّل موازين القوى؟
3-تموز-2025
شلل تشريعي في البرلمان.. الدورة النيابية الخامسة تلفظ أنفاسها الأخيرة
3-تموز-2025
ذا ناشيونال تتساءل: حياد محسوب أم مؤشر على تبدّل موازين القوى؟
3-تموز-2025
الإعلام الحكومي: اعتماد الدفع الالكتروني يستند لرؤية حكومية في تطوير التعاملات المالية
3-تموز-2025
ليبيا تعرب عن استعدادها لتعزيز التعاون مع العراق في قطاعي النفط والطاقة
3-تموز-2025
حين يصبح النفط طوق نجاة ومصدر تهديد هشاشة الموازنة العراقية تحت المجهر
3-تموز-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech