غضب برلماني يمهد لإلغاء الخطبة الموحدة في مساجد مصر
20-تموز-2024

بغداد - العالم
عكست تحركات برلمانية في مصر ضد استمرار الخطبة الموحدة في عموم مساجد الدولة مؤخرا حجم الغضب من جمود الخطاب الدعوي، ما يمهد الطريق أمام تراجع وزارة الأوقاف عن استمرارها في ظل التحفظ الشعبي على مضامينها، بعد أن تسببت في تأميم المنابر وعدم ملاءمة ما يُقال عنها للواقع المجتمعي.
ودافع برلمانيون عن موقفهم الرافض لاستمرار الخطبة الموحدة في المساجد بأن الإجراء كان مؤقتا وتم اتخاذه عام 2016 خلال فترة صعبة مرت بها البلاد لمنع انتشار الأفكار المتطرفة، لأن أغلب السكان ملتزمون وتتأثر مواقفهم بالرأي الديني، وبعد أن انقضت تلك المرحلة وتخلصت البلاد من الإرهاب أصبح العدول عن الخطبة الموحدة واجبا.
وهناك توافق أيضا على أن المجتمع في حاجة ماسّة إلى خطاب مستنير يتناسب مع احتياجاته الدينية والحياتية، وهو ما لا يتوافق مع خطب مكتوبة وموحدة عفا عليها الزمن، ولم تعد مناسبة مع انخفاض منسوب الوعي الثقافي لأغلب القضايا الراهنة، ما يستدعي إعادة النظر على نحو سريع في مضامين الخطب والسماح بالاجتهاد.
ويستثمر بعض الأعضاء داخل البرلمان المصري في تكليف أسامة الأزهري بحقيبة وزارة الأوقاف في الحكومة الجديدة التي تشكلت مؤخرا، لأنه من العلماء الذين تحفظوا على تعميم خطبة موحدة على المساجد، لأنها تحجّم دور الأئمة وتحولهم إلى قراء لخطب جاهزة بدلا من كونهم باحثين في قضايا الدين ومستجداتها.
وتعاطى وزير الأوقاف بشكل سريع مع المطالب البرلمانية، وكلّف بتغيير صياغة الخطب وجعلها استرشادية، مع نشر عناصرها والهدف منها، وهو ما لم يكن مألوفا من قبل في عهد الوزير السابق مختار جمعة الذي تحدى الجمهور ورجال الدين والأزهر، وتمسك باستمرار الخطبة الموحدة ومعاقبة المخالفين.
ولدى أسامة الأزهري رؤية وسطية لمسألة خطبة الجمعة، من منطلق أن توحيدها لا يصلح لجميع المحافظات (الأقاليم) في مصر، ويميل إلى أن تكون لكل إقليم خطبته التي تتوافق مع ظروف سكانه، فالخطبة التي تُلقى للمصلين في محافظة الإسكندرية المطلة على البحر المتوسط لا تتناسب مع محافظة تقع أقصى جنوب البلاد.
ويميل أسامة الأزهري إلى ضرورة الاستعانة بالمراكز البحثية والجنائية والاجتماعية المتخصصة في تحديد خطبة الجمعة بما يتناسب مع أحوال الناس في توجه يمكن وصفه بالإلغاء الضمني للخطبة الموحدة، ما يتلاءم مع تطلعات مرتادي المساجد الذين سئموا من تكريس الجمود الفكري وقتل الاجتهاد والتنوع وتناقض الخطب مع متطلباتهم اليومية في قضايا دينية ملحة.
ورفض وزير الأوقاف السابق مختار جمعة الضغوط التي مورست عليه لإلغاء الخطبة الموحدة، وتجاهل الدعاوى القضائية التي رفعها مواطنون، وعبروا فيها عن شكواهم من عدم مواءمتها لكل الفئات باختلاف طبائعها وعاداتها وتقاليدها وثقافاتها، فالذي يقوله الإمام من على منبر في مسجد بالقاهرة يردده زميله داخل المسجد الواقع في منطقة نائية أو حدودية أو ريفية في جنوب البلاد أو شرقها أو غربها.
وصدر حكم قضائي في مصر قبل ثلاث سنوات يؤكد أن الخطبة الموحدة لها مبرراتها، حيث استخدمها بعض أئمة المساجد لتحقيق أهداف سياسية ووظفوا الخطبة في تحقيق أغراض حزبية وأخرى تحريضية وشق الصف عبر المنابر (في إشارة إلى السلفيين) ما يخدع البسطاء، وتجاهل أهمية المسجد ومنع إقحام الدين في السياسة.
ويرى الفريق المناصر لإلغاء توحيد الخطب في المساجد المصرية أن زوال الحقبة التي على أساسها ألغي الاجتهاد على المنابر، يفترض أن يوازيه زوال الأثر المترتب عليها، ويتم إفساح المجال للخطيب كي يجتهد ويختار أفكارا تخص قضايا دينية عاجلة، بضوابط محددة لتحقيق المزيد من الانضباط على المنبر بعيدا عن أي تسييس.
وقاد الاعتماد على خطب مكتوبة لا يحيد عنها إمام المسجد إلى عدم قيامه بجهد لمعرفة احتياجات مجتمعه تجاه الأمور الدينية والقضايا الجدلية المطلوب التطرق إليها فوق المنبر، بحكم أنه يتعود على الاتكالية، كما أن وزارة الأوقاف أخفقت في انتقاء موضوعات جديدة، وهي ثغرة استثمرها المتشددون لاستقطاب الناس إليهم.
وهناك رأي مناهض لتلك الرؤية، من منطلق أن خطيب المسجد ليس دوره أن يملي على المواطنين قناعاته الشخصية في القضايا المختلفة، ويقدم كل مفردة على أنها حقيقة ثابتة، لأن ذلك يرتقي إلى تشدد يتخفى وراء الاجتهاد، ويفرض الخطيب رؤيته في قضايا مصيرية كرأي لا يجوز الاختلاف فيه أو عليه، ما فرض وضع ضوابط.
وتتعامل الحكومة المصرية مع المساجد باعتبارها من أهم الساحات التي يمكن من خلالها التأثير على أفكار المواطنين وتوجهاتهم الدينية والحياتية والسيطرة على علاقاتهم بالآخر، وإحدى أدوات السلطة في تشكيل وجدان الرأي العام في المناطق الريفية والشعبية، لارتباط معظم السكان هناك بتعاليم دينية يتم نشرها في المساجد.
ويعتقد متخصصون في الشؤون الدينية أن منح الحرية المطلقة لخطيب المسجد في طرح وجهات نظره على الناس أمر مرفوض، واستمرار جمود الخطبة بما يفقدها الحد الأدنى من التنوع والتناغم مع متطلبات الناس أيضا مرفوض، ولا بديل عن تحديد إطار عام لكل خطبة، تختلف من منطقة إلى أخرى، شريطة الالتزام بفكرة محددة.
ويؤكد أصحاب هذا الرأي أن ابتعاد خطب الجمعة عن صميم احتياجات مرتادي المساجد يدفع بعضهم إلى البحث عن بديل يناسبهم، ولن يكون أمامهم سوى شيوخ السلفية الذين يجيدون دغدغة المشاعر والتسلل إلى الشريحة التي تبغض الخطب الرسمية ولا تتناسب مع رواد المساجد أو تجيب عن أسئلتهم ومعظمها موجه إلى أهداف حكومية.
وأكثر ما يثير امتعاض المصريين من الخطب الموحدة أنها ارتبطت بقضايا اجتماعية لها جذور سياسية، مثل دعم التنمية، ومساندة الدولة في التحديات، وحشد الشارع خلف صانع القرار، والحض على زيادة التبرع للفقراء، وهي قضايا لها أبعاد سياسية، مع أن الخطبة الموحدة وُلدت بالأساس لتقضي على السياسة في المساجد.
وقال الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة منير أديب إن فتح ملف الخطبة الموحدة داخل البرلمان تحرك يمهد للتصدي لجمود الخطاب الدعوي، ويدق ناقوس خطر ضد تقديم هدايا مجانية إلى عناصر متشددة دأبت على توظيف جمود الخطب للنفاذ إلى الناس في مناطق قبلية وشعبية ونائية.
وأضاف لـ”العرب” أن وزارة الأوقاف مطالبة بتسريع محو الصورة الذهنية التي ترسخت عند البعض وتفيد بأن هناك تأميما للمساجد، وعليها أن تنتقي دعاة وسطيين لديهم خطاب مقنع وفنون إلقاء جذابة، وتسمح لهم بالمزيد من الاجتهاد، فالسيطرة على خطب المساجد لا تكفي لمحاربة التطرف، وبحاجة إلى تحسين الخطاب ومضمونه وأسلوب من يقدمه.
ويخشى مراقبون أن يكون الضغط البرلماني على وزير الأوقاف الجديد للتماهي مع مطالب الناس في شأن الخطبة، هو مقدمة للتراجع عنها كليا، دون النظر إلى وضع آلية ضابطة تمنع تسلل المتشددين إلى المساجد في المناطق المعروف أنها حاضنة لجماعات سلفية، حيث اعتادت هذه تقديم نفسها كبديل لأئمة الدولة.
وثمة سيطرة نسبية من سلفيين على بعض المساجد الصغيرة التي لا تخضع لوزارة الأوقاف، وفي أيام الجمعة تكتظ بمصلين يبررون الإقبال عليها بأن الخطيب يختار قضايا تشغل الناس بعيدا عن الورقة التي يقرأ منها أئمة تابعون لوزارة الأوقاف.
وتفرض هذه المخاوف أن يتم التعاطي الحكومي مع مطالب إلغاء الخطب الموحدة بحنكة سياسية تلبي احتياجات الشارع دون خلل يعيد المتشدد إلى الواجهة، مع وضع إطار حاكم للخطب يبتعد كليا عن القضايا السياسية بما يعيد للمساجد دورها الحقيقي في تشكيل وعي ديني وسطي يخدم توجه السلطة لتجديد الخطاب الديني عموما

البياتي يواصل جولاته الميدانية لمتابعة المشاريع الخدمية في ديالى: خدمة المواطنين شرف لنا
23-نيسان-2025
الخارجية الأوكرانية تعلق على تقرير مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان
29-آذار-2025
منتجات مصانع كردستان تتكدس.. بغداد تطالب أصحابها بوثائق رسمية واربيل ترفض
18-آذار-2025
اتصال هاتفي بين السوداني وماكرون
18-آذار-2025
نائب: لا تعديل على قانون الانتخابات
18-آذار-2025
زيارة الشيباني إلى بغداد فصل جديد من العلاقات العراقية – السورية
18-آذار-2025
مصير «نور زهير» تسليم الأموال مقابل الحرية
18-آذار-2025
مجمع بزركان النفطي في ميسان يعلن إنشاء وحدة كبس بطاقة تصل إلى 70 مقمق
18-آذار-2025
منتجات مصانع كردستان تتكدس بغداد تطالب أصحابها بوثائق رسمية واربيل ترفض
18-آذار-2025
مختبر الكندي للفحوصات الهندسية والعلمية يحصل على شهادة اعتماد من وزارة التخطيط
18-آذار-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech