بغداد - العالم
للغوص في عالم القاص عبد الأمير المجر، علينا أن نبدأ من اهتماماته الأولى التي شكلت مسيرته الأدبية والصحفية. كان عمله الأدبي الأول، روايته التسجيلية "مستنقع الأفاعي" التي أهداها عام 2000، بمثابة نافذة على روحه الفنية وعقليته الإبداعية. في إهداء الرواية، كتب المجر: "إلى أرواح الشهداء الذين ضحوا كي لا تتحول أرض العراق الطاهرة إلى ساحة صراع بين أعداء الوطن المتكالبين على ثرواته، وإلى جيشنا الباسل الذي صان وحدة الوطن في ظروف بالغة التعقيد."
يصف عبد الأمير المجر نفسه بأنه إنسان بسيط جاء من خلفية فلاحية، عاش وتوفي فقيرًا. نشأ في بيت من القصب في قرية فقيرة في المجر الكبير جنوبي العراق، على ضفاف الأهوار التي لم تكن تعرف الترف في تلك الفترة. يقول المجر: "لقد تربيت على قيم بسيطة وأهمية الصدق والدقة، وهذا ما أثر على حياتي المهنية والأدبية."
يحرص المجر على التحلي بالحذر في تعاملاته، خاصة في الأمور الحساسة، وهو ما تعلمه من والده الذي كان ينصحه قائلًا: "إذا أردت أن تجذب، احكي وراء من يتحدث." هذه النصيحة كانت أساسية في تشكيل منهجه الأدبي.
عالم الأهوار لديه مكانة خاصة في قلبه، فهو يوقظ فيه ذكريات الطفولة ويجعل من قصصه نافذة على جمال وعراقة ذلك العالم. فقد ترك قريته الجنوبية قبل أكثر من أربعة وثلاثين عامًا متجهًا إلى بغداد، لكنه لم يشعر بالانتماء إلى المدينة. يصف نفسه كطائر مهاجر يحلم بالعودة إلى موطنه الأصلي وذكريات طفولته.
على مدى ثلاثين عامًا في الصحافة، بين التصحيح والتحرير، لاحظ المجر أن العديد من الكتاب كانوا يفتقرون إلى عمق الفكر في كتاباتهم. لذا قرر أن يدخل عالم الأدب، حيث بدأ مسيرته الأدبية في مطلع تسعينات القرن الماضي. وقد كان أحد أصدقائه الأدبيين هو القاص محمد خضير سلطان، الذي كان له دور كبير في تطور أسلوب المجر في كتابة القصة.
يتميز عبد الأمير المجر بقصصه التي تعبر عن حرية التعبير والتجريب الفني. طقوسه في الكتابة تميزها الخصوصية، حيث تبدأ القصة من فكرة في ذهنه تتطور ثم تنضج في جلسة كتابة واحدة قبل أن يتم مراجعتها وتشذيبها. يحب المجر تصوير الأماكن بشكل طبيعي، معبرًا عن واقعها الحقيقي بما في ذلك تفاصيل الحياة اليومية والعادات.
يعد المجر من الكتاب الغزيرين في إنتاجه، حيث تظل أعماله محافظة على جماليتها ورصانتها، بل تزداد تأثيرًا وقوة بمرور الوقت. بفضل موهبته الواضحة، تميز بين أجيال الأدباء والصحفيين، محققًا مكانة بارزة في الوسط الثقافي.
وفي إهداء خاص، يكرم عبد الأمير المجر ابنته الراحلة، الرسامة، التي وصفها بأنها "ملاك خلق إلى الأعالي، صغيرًا دون جناحين، تاركًا طيفه يسكن في أعماق روحه وقلبه إلى الأبد."