حين يتحدث الرؤساء الأميركيون عن تغيير الأنظمة يجب الحذر من أمانيهم
2-تموز-2025

شون أوغرايدي
تباهى الرئيس الأميركي دونالد ترمب ذات مرة بأنه "عبقري متزن". لم يكن في تصريحه أي شيء من الصحة بتاتاً. فهو في الحقيقة، سواء في الوقت الحالي أو منذ الأزل على الأرجح، شديد التقلب، وهي صفة يمجدها أتباعه المهووسون بوصفها شكلاً غامضاً من القيادة الغريزية التي يجب على جميع أنصار حركة "ماغا" الوثوق بها بلا نقاش، كما لو كان المسيح في زمننا هذا أو [زعيم جماعة دينية متطرفة] تشارلز مانسون برتقالي اللون [في إشارة إلى لون شعر ترمب]، وهذا هو الاحتمال الأرجح.
من المؤكد أننا لم ننسَ ما فعله قبل أيام قليلة، من محاولة علنية لاستفزاز آية الله خامنئي، الزعيم الأعلى في الحكم الديني في إيران، وهو ملّا يبلغ من العمر 86 سنة، لديه قناعات قاسية وراسخة من العصور الوسطى. أعلن ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي "نعلم بالضبط أين يختبئ من يُسمى ’المرشد الأعلى‘. إنه هدف سهل لكنه بأمان في ذلك المكان- لن نصفيه (نقتله!)، أقله ليس في الوقت الحالي".
قد يعطي التصريح الانطباع بأن الرجل قضى حياته بأسرها في عالم عصابات تجار العقارات في نيويورك، أليس كذلك؟
ثم في عطلة نهاية الأسبوع، بعدما نسف بعض الجبال (يقول الخبراء إن الإيرانيين الدهاة مارسوا الخداع فأخرجوا اليورانيوم المخصب الثمين قبل أن تسقط عليه القنابل الخارقة للتحصينات)، سمح ترمب لأقرب معاونيه أن يخبروا العالم بأن الموضوع بأسره يتعلق بالقنابل النووية، وليس بالوحش المسن الذي يحكم البلاد- خامنئي، وليس ترمب.
ومن الأمثلة على ذلك ما قاله جي دي فانس، الذي أشيع أنه مرتاب في شأن التدخل، إن إدارة ترمب "كانت واضحة تماماً بأننا لا نريد تغيير النظام". كما أن ماركو روبيو، وهو أقرب سراً إلى نمط المحافظين الجدد أمثال جورج بوش الابن ومن ثم أقرب إلى فكرة التخلص من "النظام"، حاول أيضاً إرضاء رئيسه من خلال خطاب يُفترض أنه موحد في شأن عملية ’مطرقة منتصف الليل‘، فقال "لم يكن هجوماً على إيران، ولا هجوماً على الشعب الإيراني. لم تكن محاولة لقلب النظام".
أعاد ترمب إحياء الفكرة بأسلوب الوعيد اللعوب الذي يشتهر به، فنشر على منصة "تروث سوشال": "ليس من الصواب سياسياً استخدام مصطلح تغيير النظام، لكن إن كان النظام الإيراني الحالي عاجزاً عن جعل إيران عظيمة مرة أخرى فلمَ لا يكون هناك تغيير للنظام؟؟؟ ’ميغا‘ [لنجعل إيران عظيمة مجدداً]".
يقول المدافعون عن ترمب إنه كان يمزح ليس إلا، لكن كيف يمكننا أن نعرف متى يكون الرجل جدياً في كلامه- ما عدا "دائماً وأبداً"؟
ربما يحلم ترمب بأن يثور الشعب الإيراني ويؤسس نظاماً ديمقراطياً تعددياً- ودولة فيها انتخابات حرة ونزيهة، يتقبل فيها الخاسرون خسارتهم بصدر رحب ويشاركون في مراسم انتقال السلطة سلمياً، ولا يحضون أبداً حشداً من الغوغائيين على اقتحام مبنى البرلمان حيث يتم التصديق على إرادة الشعب، ولا يمنعون السلطات النيابية من استخدام الجيش للدفاع عن أنفسها وعن عناصر الشرطة الذين لا تكفي أعدادهم...؟
من غير المرجح أن يُعجب الإيرانيون تحديداً بخطاب كهذا من الأميركيين، والإسرائيليين أيضاً. وإن كانوا يشعرون بارتياب زائد من وكالة الاستخبارات المركزية و"أم أي 5"، فذلك لأنه لديهم أسباب تدعوهم إلى ذلك. في مناسبات عدة سابقة، تدخل "الشيطان الأكبر"، أميركا- وقبله الشيطان الأصغر (بريطانيا)- في الشؤون الإيرانية، ومن هذه التدخلات خلع الشاه مرتين وخلع رئيس وزراء هو الدكتور محمد مصدق الذي بلغ من الجرأة أن سعى إلى انتزاع السيطرة على الثروات النفطية الإيرانية من أيدي شركة النفط "البريطانية".
الانقلابات العديدة التي دبّرها الإمبرياليون – وهو وصف منصف – نجحت، لكن ليس إلى الأبد؛ فقد زُرعت بذور زوالها المحتوم في إيران كما في أماكن أخرى. فترة من الحكم السيئ في عهد الشاه الأخير انتهت بالثورة الإسلامية عام 1979 وما تبعها من تحولات كبرى.
علينا جميعاً القلق عندما يتحدث رئيس أميركي عن تغيير النظام. من باب الإنصاف، ليس ترمب الأول في هذا المجال، ومن النادر أن تنتهي هذه العملية بصورة جيدة، سواء نجحت أم لم تنجح.
تاريخياً، يعتبر الزعيم الذي كان الأميركيون ليحبوا التخلص منه أكثر من أي أحد هو جارهم الشيوعي المشاكس فيديل كاسترو، الذي ظل منذ 1959 حتى وفاته في 2016 (لأسباب طبيعية) موجوداً على ما يمكن اعتباره حاملة طائرات روسية ضخمة تبعد 145 كيلومتراً عن ساحل فلوريدا. درست وكالة الاستخبارات المركزية كل الطرق الممكنة لاغتياله، بما فيها طريقة شهيرة هي استخدام سيغار متفجر. ولا يزال من غير المعروف ما إذا كانت هذه الفكرة مستوحاة من زيارة إلى متجر يبيع منتجات المقالب أم لا.
لاحقاً، وافق كينيدي، ولو ضمناً، على اغتيال الأخوين ديم، اللذين كانا يحكمان فيتنام الجنوبية، ليحلّ محلهما شخص يُدعى نغوين فان تيو، كان أقرب إلى المزاج الأميركي، لكنه لم يكن أكثر ديمقراطية ولا أكثر فاعلية في مقاومة الغزو الشيوعي. وقد كانت الهزيمة الأميركية في فيتنام أكثر إذلالاً بكثير.
أما أكبر كارثة في سجل تغيير الأنظمة فكانت، بطبيعة الحال، العراق. وللإنصاف، على رغم أن الناس قلّما ينصفون الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن وتوني بلير، فإن تعريفهما لتغيير النظام كان أكثر دقة مما يُقال. فقد كان من الممكن أن يعني تغيير النظام مجرد تعديل في السياسات تحت حكم ديكتاتور قائم. ولو أن صدّام حسين تخلّى فعلياً عن أسلحة الدمار الشامل (بدلاً من التظاهر بامتلاكها لإخافة الآخرين)، وسمح بإجراء تفتيش شامل من جانب الأمم المتحدة، ربما كان لا يزال في السلطة حتى الآن – وإن كان ذلك غير مرجّح.
لكن البديل الذي بدا واضحاً بشكل متزايد، أنه سيتم إسقاطه بالقوة. وهو الأمر الكفيل بإنهاء التهديد الخطر على استقرار المنطقة. لكن ذلك لم يحصل، بل ولد أخطاراً جديدة. وكما نعلم جميعاً، لم يتحسن الوضع بالنسبة إلى الغرب عندما ظهر تنظيم "داعش" في العراق بعد صدام، وقلب الشرق الأوسط رأساً على عقب. وكثير من هذا الكلام ينطبق على ليبيا بعد القذافي، وعلى أفغانستان.

السفارة الأميركية حول رواتب الحشد: على المؤسسات المالية معرفة عملائها وانتماءاتهم
3-تموز-2025
مساع وزارية لخفض التراكيز الملحية في البصرة
3-تموز-2025
7900 مرشح لانتخابات البرلمان
3-تموز-2025
نصب كاميرات مراقبة سرعة المركبات في بغداد
3-تموز-2025
ذا ناشيونال تتساءل: حياد محسوب أم مؤشّر على تبدّل موازين القوى؟
3-تموز-2025
شلل تشريعي في البرلمان.. الدورة النيابية الخامسة تلفظ أنفاسها الأخيرة
3-تموز-2025
ذا ناشيونال تتساءل: حياد محسوب أم مؤشر على تبدّل موازين القوى؟
3-تموز-2025
الإعلام الحكومي: اعتماد الدفع الالكتروني يستند لرؤية حكومية في تطوير التعاملات المالية
3-تموز-2025
ليبيا تعرب عن استعدادها لتعزيز التعاون مع العراق في قطاعي النفط والطاقة
3-تموز-2025
حين يصبح النفط طوق نجاة ومصدر تهديد هشاشة الموازنة العراقية تحت المجهر
3-تموز-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech