إسلام صباح
الله
الوطن
الجنوب
صباح يوم العيد الفطر بعد غياب لمدة 7 سنين عدتُ من بعد عناء طويل الى المكان الذي نشأت وترعرعت فيه. المكان الذي كنتُ اعيش فيه، كان عند استقبالي جميع أفراد عائلتي وعشيرتي وجميع الناس الذين اعرفهم. كانوا يرددون بهتافات واهازيج الفرح ويقولون (صار سنين ندور علية اهلا بلجاي مسير)، ويرددونها عشرات المرات ويدبجون دبج اهل الجنوب المعدل، شعرت حينها بالفخر عند وصولي، ومن دون كلام ذهبوا بي الى بيتي. عندما وصلت اليه رأيت اختي وامي، جلست امام امي، وقالوا لها (هذا ابنج رجعلج بعد 7 سنين اشبعي منه زين)، لم اتكلم مع امي حينها، لأنني كنت في حالة صدمة وفرح، لكن كانت امي تقول الترنيمات بصوتها. ذلك الصوت الجنوبي الشجي ولأنها جنوبية تجيد التعبير عن كل ما في داخلها من دون الآلات الموسيقية، وحينها قالت (شلونك يمه شلونك بعدك حلو لو خرب لونك)، وهي تقبلني وبترنيمة اخرى قالت (ماشي يايمة بدرب الابعاد وماشفت طولك وي الأولاد، يافرحة العيد ولذة الزاد). وسألتني الكثير من الاسئلة ومنها لماذا ابتعدت؟ هل تناولت طعامي بشكل جيد؟ هل جسدك يؤلمك؟ لم استطيع الاجابة لأنها تقبلني وتحضنني بكل ما فيها من قوة، حيث احسست بحضن امي حقا، وكانت اختي جالسة بجنب امي. نظرة الى اختي الصغيرة وهي تبكي. قالت: لقد عاد سندي. احتضنتني، وقالت: اني سعيدة لعودتك. الان اصبحت اعرف اين انت، واين تكون، وانني فخورة بكَ. ذهبت بعدها الى غرفتي، فرأيت جميع ذكرياتي وطفولتي وشبابي، وانا خارج الى "الطرمة" ضربتني رائحة تنور امي الطين والتمن العنبر، وقام ابي يركض نحوي ويصرخ بصوت عال، وكنت حقا انا خائف من ابي لأنني اختفيت كل هذه المدة، وفي وسط البيت وامام جميع الناس وامام امي وأختي قال حينها (بس نزلوه من التابوت خلونا نشبع منه 7 سنين فاقدينه).
عرفت حينها انا الشهيد العائد الى الجنوب.