الحياة وكرة القدم!
19-كانون الأول-2022
حسن الصرّاف
هنالك رأيٌ معروف ومتداوَل حول كرة القدم مؤدّاه أنَّ مشجّعي هذه اللعبة والمتحمسين لها، ولا سيما في المجتمعات المضطهدة، يجدون فيها متنفساً ومجالاً رحباً لِلتعويض عن آمالهم المفقودة، فالفريق الفائز أو اللاعب النجم حين يتألّق يصنع في جمهوره تلك البهجة المفقودة أو المغيّبة التي سلبتها السلطة. وثمّة مَن يذهب إلى أبعد من ذلك ويعدّ النجمَ الكروي لدى عامة الناس، ولا سيما في المجتمعات المحرومة، هو البطل الأسطوري الخاص بالعصر الحديث الذي يحتاج إليه الإنسان لاستعادة نكهة أو شمّة من المعنى المغيَّب والمفقود من حياته!
رغم أن هذه الآراء تنطوي على شيء من الصحة، ولكن أشعر بوجود شيء في كرة القدم أهم وأبعد من ذلك، ويرتبط بالجانب الوجودي للكائن البشري وبمواجهته لِلحياة في هذا العالَم المحكوم بالقوانين الطبيعية. مَن يتأمّل قليلاً في الألعاب الرياضية سيجد كرةَ القدم بقوانينها وشكلها العام أقرب لعبة للقضاء والقدر، ويبدو لي أنَّ هذا هو سرّ شعبيتها في أرجاء العالَم. وكأنَّ المشاهد أو المشجّع يجد في النجم الكروي الفائز صورة الكائن البشري المثالي الذي يتغلّب على الأقدار والأحداث غير المرتقبة أثناء "عُمر" المباراة. ومِن الطريف واللافت للانتباه هنا هو أن المعلّقين يعبّرون عن الوقت المحدد للعبة كرة القدم بـ"العمر". وكأنَّ اللاعب، مهما كان محترفاً ويتميّز بالنجومية، ليس أمامه سوى هذا العمر القصير ليؤكّد فوزَه على المنافسين والأقدار.
ليس ثمّة قوانين كثيرة أو معقّدة في الألعاب الفردية أو الجماعية الأخرى، فمن النادر حصول حادث عرضي في السباحة أو القفز أو الرماية أو كرة المضرب أو كرة الطائرة والسلّة بنحو يغيّر مسار التنافس ويجعل الغالب مغلوباً أو العكس. أمّا كرة القدم فهي مثل الحياة، يتعرّض «اللاعبُ/ الإنسانُ» فيها إلى شتّى أنواع الأحداث وبنحو تتحكّم بمسار «لعبته/ حياته». فتمريرة خاطئة، أو ضربة جزاء خاطئة، أو أيّ حدث كروي آخر مرتبط بالقوانين العديدة في «اللعبة/ الحياة» يحسم مصير «اللاعب/ الإنسان».
المشجعون وهواة كرة القدم الذين يساجلون الآخرين من أجل فريقهم ونجمهم، وينتصرون للاعبهم المفضّل على حساب اللاعب المنافس لا يعدّون كرةَ القدم مجرّد تسلية، بل هي نموذج مصغَّر أو ماكيت لمشروع الحياة الذي يهدده القضاءُ والقدرُ دوماً.
لا يخاف المشجّعُ من إخفاق لاعبه المفضَّل لضعفٍ في أدائه، فهو واثق من النجم الذي يهتف له، بل يخاف عليه من الأقدار التي قد تحصل في أثناء المباراة. واللاعبُ النجمُ الذي يتخطّى مثل هذه العقبات والأقدار يضفي راحةً نفسيةً على المشاهد المتحمّس، بصرف النظر عمّا إذا كانت راحةً مزيّفة أو مجرّد تسلية.
لعلّ أروع ما يمكن استلهامه من كرة القدم، ومن بطولة كأس العالَم بنحو خاص، هو مواجهة الأقدار بالمثابرة والتدريب والاستعداد، ومن ثمَّ الإبقاء على الأمل حتّى نهاية «عمر» المباراة. إنْ أتت التدريبات والاستعدادات آكلها فبِها ونِعْمَتْ، وإذا لم تسمح الأقدار فللإنسان شرف المحاولة.
يقول جلال الدين الرومي في أحد أبياته:
طوبى لذلك المقامر الذي خسر كلّ ما يملك
ولم يبقَ له أيّ شيء سوى الرغبة في خوض قمار آخر!
قياديون في فصائل المقاومة: ندرس تنشيط خيار «وحدة الساحات» بوجه الكيان الصهيوني
19-حزيران-2025
الصدر يدعو إلى «تظاهرة سلمية» ضد الإرهاب الصهيوني
19-حزيران-2025
العراق في ذيل الدول ضمن مؤشر الصحة العالمي
19-حزيران-2025
أردوغان يشبه نتنياهو بهتلر: نقف مع ايران
19-حزيران-2025
مراقبون دوليون لمراقبة الانتخابات العراقية
19-حزيران-2025
فقدان 300 ميغاواط بأعمال تخريب طالت أبراج في البصرة
19-حزيران-2025
تفعيل محطات رصد الإشعاع النووي في عدّة محافظات
19-حزيران-2025
قياديون في فصائل المقاومة: ندرس تنشيط خيار «وحدة الساحات» بوجه الكيان الصهيوني
19-حزيران-2025
توقفت الإجراءات بعد تصفية الخلافات بين السوداني والحلبوسي
19-حزيران-2025
بينها تفعيل الرقابة.. التجارة: خطة وطنية استراتيجية لحماية الأسواق من التقلبات الإقليمية
19-حزيران-2025
Powered by weebtech Design by webacademy
Design by webacademy
Powered by weebtech